تطلبه، والذات غنية عن كل شئ، فلو ظهر هذا السر الرابط لما ذكرنا لبطلت الألوهة ولم يبطل كمال الذات، وظهر هنا بمعنى زال، كما يقال: ظهروا عن البلد، أي ارتفعوا عنه، وهو قول الإمام (1): للألوهة سر لو ظهر لبطلت الألوهية، هذا لفظه، فقد علم منه معنى الألوهية وانها اسم المرتبة وانها مناط الايجاد بسر التضايف وان الأعمال بحسب المقتضى.
883 - 3 واعلم أن الألهة والألوهة والألوهية بمعنى واحد (2)، وان فرق بعضهم بان الألهة العبادة بمعنى المعبودية، والألوهية التعزز بالمعبودية، والألوهية التحقق الذاتي بالكمالات، كما فرق الامام القشيري في مقابلتها بين العبادة والعبودة والعبودية.
884 - 3 فقال: العبادة لعوام المؤمنين أو لمن له علم اليقين أو لأصحاب المجاهدات أو لمن يدخر عنه نفسه، والعبودية للخواص أو لمن له عين اليقين أو لأرباب المكابدات أو لمن لم يضن عليه بقلبه، والعبودة لخواص الخواص أو لمن له حق اليقين أو لأصحاب المشاهدات أو لمن لم يبخل عليه بروحه، هذا كلامه مشتملا على الفرق بينها بأربعة وجوه.
885 - 3 البيان الثالث بيان وحدانيته الإلهية ماهية ووجودا، وهو ان جمعيتها المذكورة لا يتصور الا فيما هو موجود لذاته ووجود غيره به، وذلك هو الوجود المطلق لا غير - كما أثبت في صدر الكتاب بخمسة أوجه بل أكثر - والوحدة له ذاتية، إذ لا يتصور فيه التعدد - لا داخلا ولا خارجا - والا لتميز وتقيد، هذا خلف، فكل ما يشاهد أو يتخيل أو يعقل من التعدد فهو الموجود أو الوجود الإضافي - لا الوجود الحقيقي المطلق - نعم قد يقابله العدم وهو ليس بشئ، هذا وقد مر في بيان التوحيد الوجودي بلسان أهل النظر ما يكفي للمنصف المستكفى، اما إثبات توحيد الماهية على سوق النظر، الظاهر، ففيه بعض الاشكال.
886 - 3 ثم نقول: ومعلوم ان الألوهية مرتبطة بالمألوه وبالعكس بسر التضايف،