أكثر من العقلية والوهمية، وإن كانت ما شمت رائحة الوجود متناهية وانه مصدر كل شئ، فيقتضى كل شئ اما لذاته أو بشرط أو بشروط كما مر، فيكون كل شئ لازمه أو لازم لازمه وهلم جرا، فالصانع الذي لا يشغله شأن عن شأن والعليم اللطيف الخبير الذي لا يفوته لغناه الذاتي كمال، لا بد ان يعلم ذاته ولازم ذاته ولازم لازمه جمعا وفرادى، اجمالا وتفصيلا إلى ما لا يتناهى.
543 - 3 وأيضا يعلم كل شئ على ما هو عليه وهو معنى تبعية علمه للمعلوم - لا وقوعه بعده - مثلا ما عينه الحق سبحانه تعيينا جزئيا عند شرط أو سبب، أو علم تعيين مرتبته الكلية عند شرط - كالتغذي باللحم بشرط طبخة - أو عند سبب - كطبخ اللحم بمجاورة النار - فإنه يعلم بشرطه وسببه ولازمه، إن كان علم الحق سبحانه بتلك المرتبة الكلية أو تعينية ذلك الترتيب الجزئي قد سبق بذلك الوجه والا - أي فإن لم يعينه معلقا بشرط أو سبب - فيعلمه بنفسه سبحانه كيف شاء.
544 - 3 وحاصله: ان العلم الإلهي الأزلي يتبع المعلوم المعين حسبما يقتضيه حقيقته واستعدادها وشروط استعدادها ومرتبته واحكامها، سواء كان غير موقوف على سبب اخر أو شرط أو موقوفا على واحدا وأكثر كما مر. ثم يتبع الإرادة الذاتية الإلهية العلم ويتعلق به حسبما تعلق العلم، ثم القدرة يظهر عما عينته الإرادة ثم يتعين الكلام المؤثر في ايجاده بينهما بمقارعتهما، وهذا ما يقول العلماء: ان التقدير الأزلي يتعلق بمجموع النظام الواقع من الأسباب والمسببات، فلا وجه لاعتراض الجاهلين بان الامر الفلاني ان قدر وقوعه يقع، فلا حاجة إلى مباشرة أسبابه، كالدعوات والأعمال الصالحة في الأخروية والأسباب العادية من المعالجات وغيرها في الدنيوية، والا فلا ينفع السعي في السبب.
545 - 3 وعلى هذا الأصل نبه النبي صلى الله عليه وآله حين سئل بعد تمهيد قاعدة التقدير بقولهم: ففيم العمل؟ بان قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أي اعملوا، فربما كان حصول الثواب مقدرا بتقدير سببه العادي الذي هو عملكم.