ما قال الشيخ في النفحات: نفحة تتضمن التعريف لحقيقة العلم:
535 - 3 اعلم أن حصول العلم بالشئ كان ما كان وكمال معرفته موقوف على الاتحاد بذلك المعلوم، والاتحاد بالشئ موقوف على زوال كل ما يتميز به العالم عن المعلوم، فإنه ما في الوجود شئ الا وبينه وبين كل شئ أمر حقيقي الهى يقتضى الاشتراك دون مغايرة، وأمور أخرى يقتضى تميز ذلك الشئ عما سواه، هذا مما لا ريب فيه، وقد ينضم إلى هذا الامر الحقيقي مناسبات اخر من حيث الصفات أو المواطن والنشآت أو المراتب والأزمان وغيرها.
536 - 3 فاعلم أن علة جهل الانسان بموجود ما انما هي غلبة احكام ما به يتميزان، ومتى ظهرت غلبة ما به يتحدان، علم الطالب بعد قصده ما رام معرفته، ثم إن ارتفعت احكام ما به الامتياز بالكلية كملت المعرفة والا صار معلوما من وجه أو وجوه دون اخر.
537 - 3 فان قلت فما سبب جهل الشئ بنفسه مع عدم امتيازه عنه؟
538 - 3 فنقول: اعلم أن تجلى الحق سبحانه سار في كل شئ وليس متعينا في كل شئ، ولا مشارا إليه بإشارة عقلية أو حسية، وهو سر المعية التي ذكرها الحق في كتبه المنزلة واطلع عليه الصفوة من عباده، فكل شئ فإنه من حيث ذلك السر الذي هو سبب وجوده والمقيم له غير متناه، ولا متقيد باسم أو وصف أو مرتبة أو غير ذلك، وذلك (1) الشئ من حيث تعينه وتعين الإشارة إليه عقلا أو حسا، جمعا وفرادى، يلحقه احكام واعتبارات يقتضيها لذاته، بشرط أو شروط حسب حاله ومرتبته، والاحكام والاعتبارات المشار إليها تنضاف إلى الحق من كونه الها واحدا وتسلب عنه من حيث اطلاقه وأحديته وتنضاف إلى سواه من حيث خصوصية ذلك الممكن، فتلك الأحكام والأحوال المختصة بكل عين عين هي المانعة له من معرفة حقيقته بدون اللوازم، فمتى غلب حكم الحقيقة من حيث حقيقتها