513 - 3 فمن فروعه ان وحدة الحق سبحانه نفس كثرته وبساطته عين تركيبه وظهوره نفس بطونه وآخريته عين أوليته، لأنها اعتبارات تلحقه بسبب ما يسمى غيرا، إذ لولاه لم يلحق شئ منها، هذا كله لعدم تعينه الخاص الوجودي، اما لعدم تعينه العقلي، إذ هو حسب اعتقاد العاقل - لا كما هو عليه في نفس الامر - فلا ينحصر في مفهوم ما كمفهوم الوجود والوحدة، ولعدم تعينه الشهودي، إذ لا ينحصر لشاهد ولا في مشهود، بل له ان يكون كما قال.
514 - 3 فالواجب ان يعتقد وعلى ما اراده محال، وان يظهر كما يريد، ولذلك حين سئل: ما مراد الحق من الخلق قيل في جوابه: ما هم عليه - دون الحصر في الاطلاق فيزاحمه ويقابله التقييد - ولا في التقييد فيقابله المتصف بالاطلاق والتجريد أو المقيد بغير ذلك التقييد، إذ الأول قادح في جماله والثاني في جلاله أو جماله، وكل منهما اختلال في سعة كماله، فسبحانه سبحانه وله المعنى المحيط بكل حرف، أي حقيقته شاملة الحقائق والذوات، كما أن كماله مستوعب الأوصاف والكمالات.
515 - 3 واعلم أن المكاشف للحقائق في حضرة المعاني يعلمها بلوازمها على نحو ما تعينت في علم الحق تعالى، فيعرف ان كل ما فيها من الحقائق والمراتب والأسماء الذاتية دلالات جماله وآيات جلاله ومقتضيات كماله، لا نقص فيها من تلك الحيثية أصلا كما مر في الأصل الخامس، فكل ما خفى عن المحجوبين حسنه مما توهم فيه شين أو نقص، كالحيات والعقارب والخنازير والقاذورات، فإنه متى كشف له عن ساقه، أي علم علم تحقيق وشهود ان كل وجود من حيث هو وجود خير والعدم شر، علم أن مرجع ذلك الشين والنقص جهة الظلمة العدمية الحاصلة بعدم قابلية المحل لما هو خير منه، فتحصل الدلالة على أن المحل لو قبله ففي قدرة الجواد المطلق الذي لا بخل فيه أصلا فيضه عليه، ففيه الاشعار بكمال الحق (1) وهو التحميد وبان النقصان ليس إليه وهو التسبيح كما قال تعالى: وان من شئ الا يسبح