والغيم هو الحائل بين السماء والأرض، وهذه الحضرة حائلة بين سماء الأحدية وارض الكثرة الحقيقية، قال: ولا يساعده الحديث النبوي، لان المبين فيه قبل ان يخلق الخلق وهذه الحضرة تتعين بالتعين الأول، لأنها محل ظهور الحقائق، وكل ما يتعين فهو مخلوق فهو العقل الأول، ولذا قد يسميها هذا القائل بحضرة الامكان وحضرة الجمع بين احكام الوجوب والامكان وبالحقيقة الانسانية، وكل ذلك من المخلوقات.
468 - 3 وأقول: فيه غلط من وجوه: الأول: ان صاحبة الأحدية والواحدية والألوهية والنفس الرحماني وأم الكتاب وغيرها من المراتب الإلهية متعينات ليس شئ منها بمخلوق.
469 - 3 الثاني: ان حضرة الوجوب وحضرة الامكان وحضرة الجمع بينهما مراتب كليات غيبيات، فكيف تكون مخلوقات؟
470 - 3 الثالث: ان الحقيقة الانسانية - مع أن الحقائق غير مجعولة مطلقا - هي صاحبة حضرة الجمع وحقيقة الحقائق الجامعة لها، فكيف يكون مخلوقة؟ فمن البين ان البون بين الحقيقة ومظهرها غير بين عنده - عياذا بالله من مثله - 471 - 3 الرابع: ان حضرة الواحدية هي التعين الثاني لا الأول كما سيظهر.
472 - 3 الخامس: ان الحكم على الحضرة التي ذكر انها منشأ أسماء الله بأنها العقل الأول يقتضى تخصيص الأسماء بالتعينات الخلقية، والقول بان العقل الأول منشأ للجميع وليس شئ منها، كذلك عندهم.
473 - 3 فأقول استنباطا من قول الشارح الفرغاني: ان الوجود المطلق من حيث إنه ذات الحق سبحانه لما اقتضى ان يكون له تعين يتجلى به على نفسها، أي يظهر له ويعلمه بنفسه في نفسه، ويسمى التجلي الاحدى الذاتي ويتضمن الشعور من الكمال الذي حقيقته حصول ما ينبغي، بالذاتي المجمل الوحداني، وهو مستلزم للغنى المطلق الذي هو عبارة عن شهود الذات نفسه من حيث وأحديته بجميع شؤونه واعتباراته باحكامها ولوازمها وبجميع صورها ومظاهرها المعنوية والروحانية والمثالية والحسية، متبوعاتها وتوابعها