فيكون هذا الوجود مشتركا بينه وبين سائر الموجودات، والتقدم والتأخر في الظهور لتمام قابلية الماهية للمتقدم ونقصانه للمتأخر، فقولهم: يتوسط العقل الأول في ايجاد سائر الممكنات ليس كذلك، إذ ما ثم عند المحققين الا الحق والعالم، والعالم ليس بشئ زائد على حقائق معلومة لله تعالى - معدومة أولا متصفة بالوجود ثانيا - وكل الحقائق في ذواتها غير مجعولة، فضلا عن توسطها في الجعل، فلم يبق الفائض والمجعول والمتوسط الا نسب الوجود أصلا وتبعا، فاصل الكل هو المتوسط للكل.
441 - 3 فان قلت: الوجود واعتباراته المسماة بالأسماء والصفات ونسبهما أمور عدمية ليس شئ منها بأمر موجود محقق - وكذا الاجتماع والجمع الاحدى - فكيف صار تحصيل هذه الأشياء وتجديدها ايجادها وتحديدها تعينا خارجيا؟
442 - 3 قلت: هو محار العقول والافهام ومدار اختلاف الأئمة الاعلام، وكأنه - والله أعلم - ليس بذلك الهائل، وله أصل قابل يتفرع عليه صحة عدة مسائل، وذلك أنه انما يشتبه هذا على من يقول بان الماهيات غير مجعولة وان الوجود معقول ثان، كالفلاسفة أو حال كبعض المعتزلة، فان ضم المعدوم إلى المعدوم لا يفيد الوجود ولا الهوية الخارجية.
443 - 3 اما عند من يقول بان الوجودات متخالفة وكل وجود عين ماهية الموجود فهو الموجود، فالماهيات مجعولة كالوجودات، والماهية خصوصية الوجود - كالأشعرية - أو يقول الوجود هو الموجود حقيقة وموجودية الماهيات انتسابه إليها باتصافه بالتعين الحاصل منها، وظهور احكامه حالتئذ في كل مرتبة بحسبها، كان الظهور في الحقيقة للوجود لكن بصورة تحكى ذلك التعين الباطني بنوع يقتضيه المرتبة، فلا اشتباه، لان الموجودية النسب انتساب مخصوص للوجود الموجود حقيقة إليها ولا استبعاد، لان ضم المعدوم إلى الوجود الموجود يجعله منسوبا إلى الوجود فيصدق عليه الموجود.
444 - 3 فمن جملة مسائلة: وجود الجسم عن الهيولي والصورة المعقولتين أو عن الجواهر الفردة الغير المحسوسة، والجسمية الطبيعية عن الكيفيات الأربع المعقولة، والسواد المحسوس