وهو التجلي الساري والرق المنشور والنور المرشوش، فلا بد من بيان أمرين: صحة كون الوجود العام صادرا، أول متوسطا في صدور الكثرة وبطلان القول بأنه العقل الأول كما عندهم.
427 - 3 اما الأول: فلان الوجود العام لكونه بسيطا في ذاته كالأول بعينه، لولا تقيده بنسبة العموم صح صادرا عنه، ولاعتبار نسبة العموم - أعني نسبته إلى كل ماهية قابلة من العقل الأول إلى ما لا يتناهى - صح رابطا لها إلى الوجود المطلق المتعين بالتعين المطلق (1)، إذ العموم في الحقيقة لنسبة ظهوره، فله أحدية الوجود الظاهري وكثرة النسب المظهرية التي هي موجوديات المظاهر، كنسبة الابصار الواحد إلى المبصرات، وكما أن مطلق الوجود الاحدى في كل متعين انما هو على اطلاقه في نفسه وعلى أحديته وكونه هو هو، كذلك تعينه الاحدى في كل تعين جزئي على صرافة اطلاقه وكونه هو هو في ذاته، وان صح الحكم باحكام التعين المخصوص، وانما التعدد الحقيقي في نسبتهما - أعني الموجودية والمتعينية - وهكذا حكم الصفات المطلقة والمراتب الأصلية والحقائق الكلية مع جزئياتها ومظاهرها.
428 - 3 واما الثاني: وهو بطلان كون الصادر الأول المتوسط هو العقل الأول فمن وجوه:
429 - 3 الوجه الأول: ان العقل الأول كسائر الممكنات مشتمل على الماهية الممكنة القابلة والوجود المقبول، فالصادر عن الواحد الحق اما المجموع من حيث هو وفيه كثرة أو الوجود من حيث خصوصيته باقترانه بتلك الماهية، فإن كانت الخصوصية جزء الصادر فقد كثر، والا فالصادر هو الوجود (2) الذي لا خصوصية له بماهية ممكنة قابلة، لذا كان من المراتب الإلهية لا الكونية، وإذا كان كذلك فالوجود الذي ثبت اشتراكه بين الماهيات بالأدلة، وعروضه عليها يكون ذلك من حيث نسبته لا من حيث ذاته.