مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ١٥٩
بالتعين، لان تلك المقارنة بعين الوجود بخلاف ما لا ماهية له غير الوجود، فإنه في نفسه واتصافه بالوجود منزه عن التعين - لعدم احتياجه إلى غير ذاته - لان ذلك الاحتياج هو المنبع للحاجات والمحتد للتعينات. فقوله: لا تحقق للعام... إلى اخره، انما يتصور في القسم الأول ويتعالى القسم الثاني عن ذلك، فعند تحقيقه كما ينبغي يتحقق كون الحق تعالى واجبا وجوده أزليا أبديا ومستغنيا عن مطلق التعين، وعدم منافاة ذلك توقف ظهور بعض كمالاته الأسمائية على بعض التعينات الكلية أو الجزئية التي هي شؤونه وأوصافه ومقتضيات ذاته، لكن بحسب شروطها للمظهرية وتتسلق (1) بذلك إلى التحقيق بالتوحيد الذاتي والاسمائي والافعالي ان وفقت.
302 - 3 واعلم أن المنكرين ان حقيقة الحق هي الوجود المطلق من أهل النظر والمتكلمين لهم شبه جمعها في شرح المقاصد وارتضاها، ولا بد من دفعها، رفعا لتردد الضعفاء وتنبيها لمن يزعم بعد التباهي بها التناهى في رئاسة الحكماء والعلماء، انه لم يكد يحوم حول معرفة حقائق الأشياء، فعياذا بالله من الجهل المركب فضلا عن المباهاة باللفظ المرتب، اللهم عفوا وغفرا ولا تكلنا إلى أنفسنا كشفا وسترا، ولا تبتلنا بما لا ترضاه سرا وجهرا، وأصلح لنا شأننا فكرا وذكرا.
303 - 3 الشبهة الأولى: ان المطلق لا تحقق له الا في الذهن والواجب من يجب وجوده في الخارج (2).

(1) - تسلق الجدار، أي: صعد عليه. تنساق - ن - ع (2) - قوله: الشبهة الأولى... إلى اخره، هذه الشبهة وجوابها في غاية السقوط، اما الشبهة فلانها ناشئة من اشتباه المفهوم الذهني بالحقيقة الخارجية، فالاطلاق الذي نحن بصدد اثباته للحق تعالى هو عين الوجود الصريح الخارجي الذي لا تعين له ولا ماهية، بل هو نور محض وحقيقة خالصة لا سبيل للبطلان إليه ولا طريق للبوار الذي هو التعين أو اللازم له إليه، واما الاطلاق المفهومي فهو خارج عن حقيقة الحق عند الكل، وليس أحد يتفوه به، وبهذا يظهر سقوط الجواب أيضا، فان الحق في الجواب ما عرفت وهو لا يبتنى على وجود الطبيعي وليس نسبة الحقيقة الحقة الإلهية الاطلاقية مع مفهوم الوجود المطلق نسبة الماهية مع افرادها - كما هو أظهر من أن يخفى على أولي النهى - خ
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست