التركيب فيما هو الموجود ظاهر المنع، لان التركب في مفهومه لا يقتضى التركب فيما صدق عليه، والا لم يصدق على البسائط أصلا، فلم يصدق على المركبات أيضا، لان موجودية المركب يلزمها موجودية البسائط، نعم قد يقتضى مفهومه ان يكون الموجود - أي ماله الوجود - غير الوجود، لكن عقلا، لامتناع موضوعية الشئ لنفسه - لا خارجا - لشموله ماله الوجود الغير الزائد كما سيجئ.
286 - 3 ثم نقول: وكل موضوع له المحمول فالوجود له الوجود، وكل ماله الوجود موجود.
287 - 3 ومما يدل عليه اتفاق شيخي المتكلمين والحكماء ان وجود الواجب عين ماهيته وماهيته موجودة، فكذا هو. وذلك لان معنى الموجود ماله الوجود، لا من صدر عنه الوجود - بخلاف الكاتب فرضا - والا لم يصدق على المخلوق، ولا ما وقع عليه الوجود - كالمضروب مثلا - والا لم يصدق على الخالق.
288 - 3 فان قلت: الذي اتفقوا عليه ان وجوده الخاص عين ماهيته لا الوجود المطلق، فلا يلزم الا ان يكون الوجود الخاص موجودا.
289 - 3 قلت: بعد ما ثبت وصح بالبرهان النير ان الوجود المطلق يصدق على الوجود الخاص الواجبي الذي هو عندهم عين الحقيقة الموجودة، وكل ما يصدق على ما هو عين الوجود بهو هو، فهو موجود، فالمطلق موجود.
290 - 3 ثم نقول: لا شك ان الوجود للوجود ضروري، لما مر ان الماهيات غير مجعولة وان سلب الشئ عن نفسه ممتنع، فإنه ذاتي له لما قيل: كل حكم ثبت لشئ بواسطة أم ثبت لذلك الامر بالذات - كقدم القدم وحدوث الحدوث وتعين التعين وغيرها - فكذا وجود الوجود ذاتي بلا علة، ولان ذات الشئ لا يعلل ثبوتا - كما لا يبرهن عليه اثباتا - ولما نقلناه فيما مر عن المحقق الطوسي قدس سره: ان كل ماهية وجودها عينها فهي واجبة لذاتها، وكل ما وجوده ضروري فهو واجب، ثم لا واجب الا هو، لامتناع تعدد الواجب، وهذا برهان يمكن ان يستنبط منه براهين عديدة عزيزة.