هذا الوقت ربما شكك أعداؤه فيما تفاخر به. وبالذات بعد خروج السيدة عائشة.
فهذا الخروج أوجد التباسا شديدا في تحديد من هم أهل البيت. وهذا التحديد وإن كان عتم عليه في عالم اللارواية. إلا أنه بعد خروج السيدة عائشة زاد التعتم وأضيف إليه الالتباس. فإذا ادعى علي أنه من أهل البيت. جاءه صوت من دائرة الجمل يقول إنه ليس وحده من أهل البيت. بل إنه إذا كان من أهل البيت فإن يده ملطخة بدم عثمان ومن كان كذلك سقطت عنه دعوى أن الله أذهب عنه الرجس وطهره تطهيرا. ومن دخل في هذه الدائرة فليس له حق في قيادة المسلمين. وللمسلمين أن يختاروا وأصحاب السوابق كثير. منهم طلحة والزبير ومعاوية الذي يراقب وغير هؤلاء كثير.. لهذا كله كان الحديث عن المناقب على لسان أمير المؤمنين تواجهه عقبات ستدخل المسلمين في جدل طويل. وهناك من يضع البصرة كهدف هجوم لعملياته الحربية. وكان لا بد أن تأتي المناقب من روايات الساحة ليشهد الإمام لها ويشهد الناس عليها. ولقد رأينا فيما سبق كيف أن ابن عباس جاء بالتحذير الذي حول عمار من داخل الساحة ولم يتحدث هو به. ربما لقربه من الإمام.
وشاء الله تعالى أن تكون البداية من داخل الساحة كي تقام الحجة بلا شبهة. لقد جاءت الرواية ليقف أمير المؤمنين منها موقف الذي يستفسر أولا ثم يقيم الحجة ثانيا. عن رياح بن الحرث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة (1).
فقالوا: السلام عليك يا مولانا. قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب، فقالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: " من كنت مولاه فإن هذا مولاه " قال رياح: فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء، قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري " (2).