إن مما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الأمة ستغدر بك بعدي " (1).
والنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، سأل ربه أن لا يفرق أمته، وأن لا يجعل بأسهم فيما بينهم. ولكن الله الذي يعلم ما تحتويه طينة كل إنسان من خلقه أبى عليه. روي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سألت ربي ثلاثا، فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة فأعطانيها. وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرور فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها - وفي رواية - وسألته أن لا يلبسهم شيئا فأبى علي " (2).
فالباب الذي منعه الله غمرته الحجج من كل مكان، والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحذر من الاختلاف والافتراق والبغي والاستكبار والإنكار وغير ذلك وتحث على الطاعة والوحدة والأخلاق والاستقامة وغير ذلك لا يخلو منها مصدر إسلامي. ونحن هنا لا نسلط ضوء الحجة إلا على دائرة الجيل الأول في القرن الهجري الأول. لأن على حركة هذا الجيل دارت العجلة آخذة من ورائها في كل زمان الماضي والحاضر وهي تتقدم نحو المستقبل.
ولأن الجيل الأول هو العجينة التي سيأكل من خبزها الجميع ما ترك النبي بابا إلا وتكلم فيه، عن أبو زيد قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فأعلمنا