وللنبي صلى الله عليه وسلم الولاية على الأمة في سوقهم إلى الله والحكم فيهم والقضاء عليهم في جميع شؤونهم وله عليهم الإطاعة المطلقة. فترجع ولايته إلى ولاية الله سبحانه بالولاية التشريعية. ونعني بذلك أن له صلى الله عليه وسلم التقدم عليهم. بافتراض الطاعة. لأن طاعته طاعة لله. فولايته ولاية لله كما يدل عليه بعض الآيات السابقة كقوله... (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)، الآية.
وقوله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا) الآية. وهذا المعنى من الولاية لله ورسوله هو الذي تذكره الآية للذين آمنوا بعطفه على الله ورسوله في قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (1)، فالولاية في هذه الآية واحدة. هي لله سبحانه بالأصالة. ولرسوله صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا بالتبع وبإذن منه تعالى.
ولما كان الذين آمنوا لهم الولاية بالتبع لرسول الله وبإذن من الله. فإن للذين آمنوا الذين يحملون الولاية شروط أهمها أن يكون فيه نص إن الرجس لا يعرف له طريقا وإن الطهارة له رداء إلا أنه سيتعامل مع كتاب الله الذي لا يمسه إلا المطهرون والذي يكون فيه نصوص بأنه على علم بأحكام القرآن وشرائعه.
ولأنه بعلمه سيرفع الاختلاف بين الناس. وأن يكون هذا العلم قد أخذ من رسول الله، فعن علي بن أبي طالب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به. ثم تلى قوله تعالى: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي) (2)، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن للقرآن منارا كمنار الطريق فما عرفتم فخذوه وما أنكرتم فردوه إلى عالمه " (3)، وأن تكون فيه نصوص تثبت بأن يتمتع بقوة العفة والشجاعة والحكمة. لأن من يمتلك هذا تكون لديه ملكة العدالة.