حي من بينهم، فكيف يحرمهم منها بعد وفاته وغيابه عنهم؟! فهل كان النبي (صلى الله عليه وآله) يرى أن أهل بيته أحوج إلى فدك في حياته منها بعد وفاته؟! أيعقل هذا يا أولي الألباب؟!
فمن حيث إن فدكا وغيرها كانت خالصة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولأهل بيته، فقد صارت بذلك ميراثا للزهراء وعلي وابنيهما (عليهم السلام).
ومن حيث إن عليا (عليه السلام) وابن عباس وأبا سعيد الخدري رضي الله عنهم، رووا: " أنه لما نزل قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه) دعا رسول الله [(صلى الله عليه وآله)] فاطمة فأعطاها فدكا " (1)، فمن حيث ذلك يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد نحل الزهراء (عليها السلام) فدكا، وصارت ملكا لها في حياته (صلى الله عليه وآله).
فأما من حيث الميراث فقد رد قولها أبو بكر بقوله: إن رسول الله قال: لا نورث، ما تركناه صدقة!
وأما من حيث إنها كانت نحلة لها (عليها السلام) فقد طالبها أبو بكر بالشهود، فشهد لها علي (عليه السلام) وأم أيمن، وقيل جاءت برباح - مولى رسول الله - وأم أيمن (2)، فلم يقبل دعواها لعدم اكتمال الشهود، كما يقول ابن حجر الهيثمي: " ودعوى فاطمة أنه صلى الله عليه وآله نحلها فدكا لم تأت عليها إلا بعلي وأم أيمن، فلم يكمل نصاب البينة " (3).
فالزهراء (عليها السلام) لم تكن ترى أبا بكر وعمر إلا ظالمين قد حرماها من إرث أبيها بلا وجه حق، أو منعاها نحلتها منه. لذا لم تكن ترى ما رواه أبو بكر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصواب ولا بحق. ولهذا تصدت لهذا الظلم، وخاطبت أبا بكر على ملأ من المهاجرين والأنصار.
يروي أبو بكر الجواهري: " لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منعها فدكا، لاثت خمارها على رأسها، واشتملت جلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ