قال ابن عباس: قلت: نعم وأزيدك، سألت أبي عما يدعي - أي النص على الخلافة - فقال: صدق.
فقال عمر: كان من رسول الله في أمره ذرو من قول لا يثبت حجة، ولا يقطع عذرا، ولقد كان يربع في أمره وقتا، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعته من ذلك " (1).
نعم، وذلك عندما كان النبي صلى الله عليه وآله مريضا والحجرة غاصة بالناس من حوله، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله: " قربوا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ".
فقال عمر: " إن الرجل قد غلب عليه الوجع، إن الرجل ليهجر! حسبنا كتاب الله، عندنا القرآن ". وردد الناس ما قال عمر!
فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله غاضبا: قوموا!.. ولم يكتب الكتاب الذي كان سيصرح فيه باسم علي عليه السلام، إذ أن عمر منعه من ذلك بما قاله من قول نسج الناس عليه، كما عرفت!
على أن النبي صلى الله عليه وآله لم يترك التصريح لفظا باسم علي عليه السلام، كما مر عليك، إذ قال صلى الله عليه وآله:
" ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي ".. ثم أخذ بيد علي وقال: " هذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ".
فكان من النبي صلى الله عليه وآله والوحي استخلاف علي والتصريح باسمه، وكان من قريش المنع والاعتراض وكراهة اجتماع النبوة والخلافة في أهل البيت!
غير أن القوم لم يكتفوا بصرف الخلافة عن علي وعترة النبي صلى الله عليه وآله، بل أخذوا عليا عنوة لبيعة أبي بكر، فجئ به يساق - كما قال معاوية - كالجمل المخشوش، وهو يقول:
" أنا عبد الله وأخو رسول الله "!
فقيل له: بايع!
قال [علي]: أنا أحق بهذا الأمر منكم. لا أبايع، وأنتم أولي بالبيعة لي.
أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا. ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم، لما كان محمد منكم، فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الإمارة؟ فإذا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، نحن أولى