لولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب، ولسلمنا إليه، لكنا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا، فأخذنا بمثاله واقتدينا بفعاله، فعب أباك بما بدا لك أو دع. والسلام على من أناب ورجع من غوايته وتاب. (1) وها هو خطاب معاوية في رده على خطاب محمد بن أبي بكر، فتدبر في قوله:
" فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا نعرف حق ابن أبي طالب لازما لنا وفضله مبرزا علينا ".
فما هو حق علي بن أبي طالب الذي كان لازما لمعاوية وأبي بكر وبقية الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وآله؟! ثم أين ذلك الحق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله؟!
وأما قوله: " كان أبوك وفاروقه أول ابتزه حقه وخالفه على أمره " ففيه بيان الأساس الذي قامت عليه خلافة الصديق وعمر من بعده، والشاهد على هذا الأساس معاوية نفسه تصريحا ومحمد بن أبي بكر إقرارا.
وعلى هذا الابتزاز والمخالفة، تم الاتفاق والاتساق بين أبي بكر وفاروقه، كما أوضح معاوية. وإشارة معاوية إلى هذا توضح اشتراكه في ذلك، إذ أن أبا بكر هو الذي مهد وشيد له ملكه بسنه ابتزاز حق الإمام ومخالفته في أمره، بعد أن كان حقه لازما لهم في حياة النبي صلى الله عليه وآله.
فما هي العلاقة والارتباط بين ما وقع من ابتزاز لحق الإمام ومخالفته على أمره، وبين قول النبي الأكرم لأبي بكر: " لا أدري ما تحدثون بعدي "؟!
وهكذا انشعب الإسلام بعد تلك الحوادث، وانشعب الناس على أساس ذلك إلى قوم تعبدوا بما تمخضت عنه الحوادث بعد وفاة رسول الله في السقيفة، واقتدوا بأهل البيت السقيفي، وقوم ولوا الظهور لذلك وصوبوا نحو أهل البيت النبوي، يقتدون بعلي وأهل بيته عملا ولفظا، ويمزجون حبهم للعترة باقتفاء الآثار منهم.. ليس كمن مزج حبهم باقتفاء آثار غيرهم من الفقهاء والعلماء وهم يخالفونهم في كثير من المسائل.
فهلموا - أيها الناس - إلى سبيل المؤمنين من أهل بيت الرسول وأبناء البتول، فهم