برسول الله حيا وميتا، فانصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون.
فقال له عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع!
فقال له علي: احلب حلبا لك شطره، وشد له اليوم يردده عليك غدا.
ثم قال: والله يا عمر، لا أقبل قولك ولا أبايعه.
فقال أبو بكر: إن لم تبايع، فلا أكرهك.
ثم قال [عليه السلام]: الله الله يا معشر المهاجرين! لا تخرجوا سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته، إلى دوركم وقعور بيوتكم، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت. ونحن أحق بهذا الأمر منكم، ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المتطلع لأمر الرعية، الدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم لهم بالسوية، والله إنه لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا عن الحق بعدا.
فقال له بشير بن سعيد الأنصاري: لو كان هذا كلام سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك! " (1).
وهكذا ظل الإمام رافضا مهادنة أبي بكر ستة أشهر حتى رأى مصلحة الإسلام في الصبر والجلوس في بيته، ومهادنة القوم، كما يوضح ذلك هو بنفسه عليه السلام:
يقول الإمام علي عليه السلام:
" وأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما تكون المصيبة له علي أعظم من فوت ولايتكم التي هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان كما يزول السراب، وكما ينقشع السحاب ".
وقال عليه السلام:
" ولقد تقمصها (أي لبسها قميصا، يعني الخلافة) ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى: ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير، فسدلت عنها ثوبا وطويت