أن أقوال النبي صلى الله عليه وآله هذه وما لم نذكره من أقول، يوضح بكل صراحة أن عليا عليه السلام هو ولي المؤمنين من بعد النبي صلى الله عليه وآله، وهو أولى بهم من أنفسهم. وقد فهم الناس ذلك في زمان النبي صلى الله عليه وآله كما وصح من تهنئة عمر لعلي عليه السلام، وكما وضح للحارث بن النعمان الفهري فما هي حكاية الحارث بن النعمان هذا؟
إنه لما بلغه خبر ولاية الإمام علي، جاء إلى نبي الله عليه وآله السلام غاضبا لاجا في غيه وطغيانه، فقال: يا محمد! أمرتنا أن نصلي خمسا فقبلنا منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم رمضان فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي (1) ابن عمك تفضله علينا فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه؟! فهذا شئ منك أم من الله؟!
فقال صلى الله عليه وآله: " فوالله الذي لا إله إلا هو إن هذا لمن الله عز وجل ".
فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله سبحانه بحجر سقط على هامته، فخرج من دبره فقتله، وأنزل الله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع. للكافرين ليس له دافع. من الله ذي المعارج) (2).
وجاء قوم إلى علي عليه السلام، فقالوا: السلام عليك يا مولانا.
قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟
قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يوم غدير خم يقول: " من كنت مولاه فإن هذا مولاه " (3).
إن الحارث بن النعمان لو كان قد فهم معنى الولي على أنه المحب والناصر والصديق لما ثار ثورته تلك، ولما رجح العذاب على صداقة ومناصرة ومحبة علي عليه السلام. ولكنه فهم