فولاية الله تعالى، لكونها عامة فيما يليق به من معاني، يجب أن تفهم بهذا العموم، فالله تعالى طبقا لذلك يليق به أن يكون المتصرف، والنصير، والمحب، دون سائر المعاني.
ولما كان معنى الولاية في الآية مشتركا بين من نسب إليهم، فيلزم أن توضع جميع المعاني المشتركة في الاعتبار عند نسبتها إلى من دلت عليهم دون أي استثناء. ولهذا يجب اختيار المعاني التي يمكن نسبتها إلى الجميع دون اختلاف أو تفاوت، فمثلا لا يمكن أن نفسر الولاية بمعنى (الصهر)، لأن نسبة ذلك المعنى إلى الله تعالى لا تجوز، فتختلف نسبتها إلى الجميع بهذا المعنى، لجواز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وإلى الذين آمنوا.
وعلى هذا الأساس يكون المعنى المناسب لقوله تعالى: (إنما وليكم) هو أن المتصرف في أمركم، والناصر لكم، والمحب هو الله ورسوله والذين آمنوا.
إن النصرة والمحبة من الله لرسوله والمؤمنين أمر واضح، والنصرة والمحبة من الرسول للمؤمنين أمر لا يخفى. ونصرة ومحبة المؤمنين بعضهم لبعض أمر أوضحه القرآن وبينته السنة في كثير من المواطن: ﴿المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ (1)، " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ". فهذه معان يشترك فيها المؤمنون كافة، ولا تنحصر في أفراد بعينهم ولا تختص بقوم دون قوم. ولكنا رأينا انحصار الآية واختصاصها بعبارة (إنما) المذكورة في ابتداء الآية.. ونحن علمنا أن النصرة والمحبة أمر عام وواجب بين المؤمنين بعضهم لبعض دون انحصار واختصاص.
إذا، نسبة إلى انحصار الآية لقوله (إنما) - وهي للحصر كما هو معروف ومضبوط في اللغة - يخرج معنى النصير والمحب من معنى الولي، لعمومهما بين المؤمنين، ويبقى معنى " المتصرف " وحده.
وهذا المعنى يليق بالله تعالى، فهو المتصرف في شؤون الناس. وهو يليق بالنبي صلى الله عليه وآله، فهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم في إدارة أمورهم. كما إنه يليق بالذين آمنوا.
ومعنى الذين آمنوا هنا ليس شاملا لكل المؤمنين، لانحصارية معنى المتصرف فيمن لهم