وبهذا يتضح أن أهل البيت هم أهل العباءة الخمسة، وأن التطهير الذي تم لعترة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته من أصحاب الكساء الخيبري والمرط المرجل بالشعر الأسود، هو تطهير يختص بهم دون غيرهم من الناس. وهو بالإضافة إلى ذلك - قد تم على أساس الإرادة التكوينية التي لا تنفك عن مرادها - فيكون بذلك قد حدث التطهير لهم وحصلت التزكية من الرجس والآثام والذنوب والمعاصي وكل قبيح.
وهذه هي العصمة، ذلك لأن التطهير الذي تم لهم هو تطهير معنوي بلا ريب. فلو كان تطهيرا عن طريق الإرادة التشريعية، فهو مما لا يختص بأحد من الناس. ولما كان قد اختص بأهل البيت النبوي فهو تطهير من نوع خاص لهم لا يفسر إلا بمعنى العصمة، لعدم صدور الذنب والمعصية عنهم، إذا أنها قذارات وخبائث النفس.
وبعد كل تلك الأحاديث الواردة في بيان أهل البيت النبوي لا يستطيع أحد أن يخرج واحدا من أهل العباءة باعتباره غير معدود في أهل البيت، كما لا يستطيع أن يضيف إليهم شخصا خارجا عنهم، سواء كان هذا الشخص من نسائه صلى الله عليه وآله أو الشيخين أو سائر الصحابة.. لأن قول النبي صلى الله عليه وآله بعد إجلاس الحسن والحسين وعلي وفاطمة على الكساء ولفه حولهم: " هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " نفهم منه أنه لو كان هناك أحد من أهل البيت بالمعني الحقيقي لدعاه النبي صلى الله عليه وآله وأجلسه إلى جانبهم واشتمله معهم بالكساء.
ألا ترى أنه في بعض الروايات، لما جاءت فاطمة انتظر النبي صلى الله عليه وآله حتى جاء الحسن، ثم انتظر حتى جاء الحسين، وهكذا حتى جاء علي عليه السلام، ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله بعد ذلك ربه قائلا: " هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "، فنزلت الآية حين اجتمعوا جميعا على البساط.
ألا يدل ذلك على أنه ليس هناك أحد غيرهم يشمله وصف أهل البيت النبوي؟!
إن إعلان النبي صلى الله عليه وآله أن هؤلاء هم أهل البيت هو إعلان لأمر الوحي وتبليغ لأمر الله، فلو أعلن النبي صلى الله عليه وآله وبلغ هذا الأمر قبل أن يكتمل تعدادهم وحضورهم أفلا يكون هذا التبليغ للوحي ناقصا مبتورا؟! بلى، لأن الناس يفهمون الوحي طبقا لتبليغه.