أن نتجاوز التطهير بعبارة (تطهيرا)... لأنه لو كانت تلك العبارات خالية من معنى أساسي فيه فائدة لكان إسقاطها من قبل الله تعالى واجبا، لأن الحق بعيد عن ذكر ما لا فائدة فيه في الكلام، فكان يمكن أن يكتفي مثلا في بدء الآية بقوله (يريد الله ليذهب عنكم الرجس...)، أي بدون ذكر (إنما) في البدء. أو كان يمكن أن يختم الآية بقوله:
(يطهركم)، بأن يقول (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم)، فكان يمكن أن تكون الآية بعد إسقاط العبارات كالآتي:
(يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم) ، فما الإشكال في هذا؟!
إذا المعنى كما يبدو في الظاهر محفوظ، وهو تطهير أهل البيت وإذهاب الرجس عنهم!
ولكن هذا نظر من لم يعرف للقرآن قدره واكتفى منه بالسطح والقشور.. فالمعنى أوسع من أن نلتمسه في ظاهر الألفاظ دون الغوص في أعماق معانيها، والتدبر في دقائقها ولطائفها.
من الخطأ أن نكتفي من عبارة (يريد الله) بمفهوم الإرادة، دون تحديد أي إرادة هي، ومدى تعلقها بالمراد. كما أنه من الخطأ أن نكتفي من عبارة (ليذهب) بمعنى الإبعاد، دون أن نتدبر في كيفيته، ودون أن نربطه بنوع الإرادة التي تم بها هذا الاذهاب.
وعموما فمن الخطأ الفاضح أن لا نستخلص من معنى الآية، بعد التدبر فيها، خصوصية تميز أهل البيت عن سائر الناس. وعندئذ تنكشف حقائق ما كنا لنراها لو قنعنا بشكل الحروف وصور الألفاظ من هذه الآية.
إن الرجس هو كل قذر، حسا ومعنى. والمعني منه هنا ما يتعلق بالنفس الإنسانية من قذارة الذنوب والمعاصي: سواء أكبرت فصارت شركا، أو صغرت فشملت ما دون ذلك. وإذهابها هو إبعادها وإزالتها وتطهير النفس منها تطهيرا لا يعقبه تقذر أو تلوث بها.
ولكن، كيف يتم إذهاب الذنوب والمعاصي وقاذورات النفس من الأخطاء والقبائح؟ وبأي أسلوب يتم ذلك؟
إن تطهير النفس البشرية لهو من الأهداف الأساسية لهذا الدين، بل هدف لكل الأديان السماوية. وهو يتم في الغالب عن طريق أداء التكاليف التي أوجبها الله على