حتى بهذه القسمة الضيزى في رأيه، فقال رافضا إياها: " هذا أول الوهن " (1). فهذا سعد إذا لا يرى لأبي بكر وعمر ومن حالفهم حقا في الخلافة، ولو كان على مستوى الأمير.
عندئذ تصدى عمر للدفاع عن حقه بعبارات لم تدع للأنصار حقا يطلب، فقال:
" هيهات! لا يجتمع سيفان في غمد! من ذا يخاصمنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة؟! " (2). ها هو عمر يقطع قول كل خطيب بنفيه الشورى. أجل، لم يأت عمر إلى السقيفة لمشورة الأنصار، بل جاء ليدفع كل من يخاصمه منهم في سلطان محمد!
إذا، فليس للأنصار في هذا الأمر حق حتى يستشيرهم فيه أبو بكر أو عمر، وكيف يستشيرونهم فيما يرثانه من إرث تركه لهما رسول الله صلى الله عليه وآله؟! وهل في الإرث استشاره لإثبات حق الوارث فيه؟!!
لا وحاشا، فالخصم عندهما لا يخرج - وهو ينازع في ميراث محمد - عن حدود ثلاثة.. فهو إما سالك لطريق الباطل، أو مرتكب للذنب والإثم بأخذه إرث غيره ظلما، أو معرض نفسه في ذلك للموت والهلاك.
إذا، فلا شورى مع الأنصار يراها عمر، ولا يثوب الأنصار في نزاعهم في هذا الأمر إلا بالباطل ولا يكون إلا الإثم ولا يحصدون إلا الهلاك.
من هذا كله يتضح جليا أن مسألة اختيار الخليفة، والنزاع الذي دار في السقيفة بسببها لم تبن على أي شورى مقصودة بالأصل في هذا الأمر، وإنما هو نزاع حدث بين طرفين متخاصمين في أمر مختلف فيه يرى كل طرف منهما الحق إلى جانبه، ويسعى كل فريق للدفاع عن حقه المهدد بالغصب.
إن هذه حقيقة تاريخية حرفت أو لم تفهم على ما كانت عليه، إذ سعى المؤيدون لما تمخض عن نزاع السقيفة إلى تفسيرها بما يتطابق مع ما أيدوا من نتائج، فألبسوها ثوب الشورى وهي عنه عارية، حتى يقفوا أمام مخالفة المعارضين لنتيجة السقيفة، وربما