الأمر.. إلى آخر كلامه.
فسمع عمر وأبو بكر بذلك، فأسرعا إلى سقيفة بني ساعدة مع أبي عبيدة بن الجراح، وانحاز معهم أسيد بن خضير، وعاصم بن عدي من بني العجلان " (١).
ما نفهمه من هذا - كما أشرنا سابقا - أن بني هاشم وبعض من انحاز إليهم من الصحابة لم يكن لهم وجود في السقيفة في ذلك اليوم، إذ أنهم كانوا مشتغلين بغسل وتجهيز جثمان النبي صلى الله عليه وآله.
وبعد نزاع وخصام حاد، انتهى الأمر بتولي أبي بكر زمام الخلافة، وعرف بعد ذلك بالخليفة الأول، أو خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله.
عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت البراء بن عازب يقول: "... فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم معتجرون بالأزر الصنعانية، لا يمرون بأحد إلا خبطوه، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يدي أبي بكر، شاء ذلك أو أبى. فأنكرت عقلي، وخرجت اشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا، وقلت: قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة!
فقال العباس: تربت أيديكم إلى آخر الدهر " (٢).
وقال بعضهم لبعض: " ما كان المسلمون يحدثون حدثا نغيب عنه ونحن أولى بمحمد.
فقال العباس: فعلوها ورب الكعبة! " (٣).
ونتيجة لما تمخض عن واقعة السقيفة، يقف اليوم كثير من المسلمين موقف المؤيد لما انتهج في السقيفة آنذاك لاختيار إمام المسلمين، باعتبار أن الشورى هي التي كانت حاكمة بين المتخاصمين في سقيفة بني ساعدة. وتقبلوا ما نتج عنها قبولا لا يقبل الرد باعتباره أمرا مسنودا بآيات القرآن، من حيث إنه أمر بالشورى في مثل هذه الأمور، لقوله تعالى: ﴿وأمرهم شورى بينهم﴾ (4)، ولقوله تعالى (وشاورهم في الأمر) (5).