النبي صلى الله عليه وآله في ضحى يوم الاثنين.
فكيف يكون أبو بكر قد صلى صلاة الصبح في يوم الاثنين وهو معسكر في خارج المدينة بالجرف؟! وحتى في وجوده بالمعسكر فإنه لا يمكن أن يصلي بالناس، لأن قائد الجيش هو إمام الناس في الصلاة، كما هو معروف.
وقد علمت أنه لما جاءهم خبر أم أيمن بوفاة النبي صلى الله عليه وآله لم يدخل إلا أسامة وعمر وأبو عبيدة، وبقي أبو بكر في المعسكر، ولم يدخل إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله. وهذا ما قاله الطبري وابن الأثير وسائر المؤرخين، إذ ذكروا أن أبا بكر لم يأت إلا بعد أن بلغه خبر وفاة النبي صلى الله عليه وآله.
فإما أنه كان بالسنح عند أهله، وإما أنه قد بقي بالجرف حيث المعسكر..
فإن كان بالسنح فقد غاب ثلاث ليال حتى بلغه الخبر.
وإن كان بالمعسكر فقد غاب يومين، ولم يدخل إلا بعد بلوغه الخبر أيضا، فدخل مع الجيش، ووجد عمر يقول ما كان يقول في ذلك الوقت من تهديده لمن يزعم أن النبي صلى الله عليه وآله قد مات، وإما أن يكون قد ترك المعسكر وذهب إلى السنح وبقي هناك حتى خبر الوفاة و هو الأرجح عندي.
إذا، فالأمر واضح جدا لا يحتاج إلى عناء في التفكير لفهم جوانبه، فصلاة أبي بكر بأمر النبي صلى الله عليه وآله ما هي إلا من صناعة ووضع البشر، أملتها عليهم العصبية والقبلية والعداء لعلي عليه السلام وعترة خير الأنام.
لقد ذكر أبو بكر بن عبد العزيز الجواهري (1): " أن رسول الله (ص) في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير ".
ولقد أبدى النبي صلى الله عليه وآله اهتماما بليغا بأمر هذه السرية، ولم تمنعه شدة مرضه من إنفاذ هذا البعث. وإن تعبئة وجوه وأعيان المهاجرين والأنصار مثل أبي بكر وعمر وطلحة والزبير تعكس مدى اهتمام النبي صلى الله عليه وآله بأمر هذا الجيش. وكل ما في إنما هو اهتمام منه صلى الله عليه وآله