وروي أنه قال: " أوصاني رسول الله (ص) فقال: إذا أنا مت فغسلني بسبع قرب " (1).
وروى الحاكم في مستدركه، والذهبي في تلخيصه، عن علي [عليه السلام]، قال:
" غسلت رسول الله [صلى الله عليه وآله]، فجعلت أنظر ما يكون من الميت، فلم أر شيئا، وكان طيبا حيا وميتا " (2).
وروى عمر بن الخطاب، عن رسول الله [صلى الله عليه وآله] أنه قال لعلي: " أنت غاسلي ودافني " (3).
أجل، لقد أوصى النبي صلى الله عليه وآله الإمام عليا عليه السلام بأن يغسله إذا مات ويدفنه، فهذا صحيح.
وقد عرفنا أن النبي صلى الله عليه وآله كان قد علم بموته، ورأينا كيف تشدد في أمر الجيش بالخروج، وفيه كبار الصحابة، أبو بكر وعمر وغيرهما، تحت لواء أسامة، ورأينا كيف كانت المدينة تخلو - بذهاب الجيش إلى مؤتة - من كل الصحابة ومن النبي صلى الله عليه وآله نفسه، إذ توفي في نفس اليوم المقرر لخروج الصحابة في الجيش.
لقد رأينا كل ذلك، وكان يمكن أن يمتد غياب الصحابة إلى ما يفوق الشهر، بغض النظر عن إمكانية استشهادهم. أجل، رأينا النبي صلى الله عليه وآله قد فعل كل ذلك..
فهل يا ترى كان النبي صلى الله عليه وآله يترك دولة الإسلام مدة شهر أو عشرين يوما بلا خليفة حتى يعود أبو بكر؟!
وهل يا ترى كان يذهب النبي صلى الله عليه وآله ويترك الدولة الإسلامية الفتية الطرية العود بلا راع، وعلي بن أبي طالب عليه السلام فيها، بل هو الذي أبقاه فيها عامدا إلى ذلك وقد قال له من قبل: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟!
إذا، فلها رون أن يخلف موسى في قومه، كما هي الإرادة الإلهية المقدسة. ولعمر الله، هذا ما كان يرمي إليه النبي صلى الله عليه وآله، إذ لا معنى لإرسال جيش عبئ فيه كل الصحابة مهاجريهم وأنصارهم بكريهم وعمريهم، ثم يحتفظ بعلي عليه السلام إلى جواره، ثم تخلو المدينة