المدينة من الصحابة كافة، وارتحل هو إلى الرفيق الأعلى؟!
ثم إننا نسأل: هل كان النبي صلى الله عليه وآله يرى في أبي بكر الخليفة من بعده؟!
ولكن لا يستقيم هذا الأمر لو كانت الإجابة بالإيجاب، وذلك لأمرين نلحظهما في بعث أسامة بن زيد:
أولا: لقد أمر النبي صلى الله عليه وآله أبا بكر بالخروج في هذا الجيش، والنبي صلى الله عليه وآله كان يعلم بموته إذ أخبر بذلك.
فلو كان النبي صلى الله عليه وآله رأى في أبي بكر خليفته لأمره بالبقاء إلى جنبه حتى لا تخلو المدينة ممن يفزع إليه المسلمون، ويحفظ بيضة الإسلام في أصعب يوم في حياة المسلمين، وحتى لا يكون نساء المسلمين وأطفالهم في غياب آبائهم بلا راع لهم ولا حافظ لأعراضهم.. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، فما دام النبي صلى الله عليه وآله مخلفا أبا بكر، فأبو بكر أحوج إلى نصح النبي صلى الله عليه وآله وإرشاده إرشادا خاصا يستعين به على إدارة أمور المسلمين. وعلى كل فبقاء أبي بكر - لو كان هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله - يستقيم وحكمة النبي الكريم، لا خروجه في هذا الجيش وهو خليفة المسلمين، فقد يناقض حكمة النبي صلى الله عليه وآله وحنكته السياسية في إدارة شؤون الدولة.
ثانيا: فإن كان لا بد من خروج أبي بكر - وهو المنتخب من جانب النبي صلى الله عليه وآله خليفة له من بعده على المسلمين - فعلى أقل تقدير كان على النبي صلى الله عليه وآله أن يوليه هو الجيش ويجعله على رأس الجنود، لا أن يرسله معهم جنديا مأمورا تحت إمارة أسامة بن زيد ذي العشرين عاما، إذ أن هذا لا يتفق ومقام الخلافة. فالخليفة هو خليفة النبي صلى الله عليه وآله في جميع مقاماته ومنها قيادة الجيش، فكيف صار خليفة المسلمين جنديا يرأسه فرد من رعيته، بل شاب صغير العمر؟! إن هذا ليبدو ليس من الحكمة في شئ، بل سيكون لذلك أسوأ النتائج، وقد رأيت كيف طعن البعض في تأمير أسامة. بل إنهم أرادوا عزل أسامة بعد ذلك ، لأنه أمر على كبار المهاجرين، فكيف لو أمر على الخليفة؟!
إذا، لكي لا يكون النبي صلى الله عليه وآله بعيدا عن الحكمة والفطانة النبوية، علينا أن نسلم بأن