أسامة ". وهذه المرة أصدر أمره للجنود وأفراد الجيش، إذ لا مناص من التنفيذ.
ثم أردف النبي صلى الله عليه وآله بعبارة يخاطب بها من سولت لهم أنفسهم الطعن في تأمير أسامة، أو يخاطب بها أولئك الذين توسوس لهم أنفسهم إلغاء البعث هذا أو التخلف عنه، فقال النبي صلى الله عليه وآله مخاطبا إياهم: " لعن الله من تخلف عنه ". وهذا الحكم لا يختلف من حيث الزمان، سواء كان زمانه في حياة النبي صلى الله عليه وآله أو كان بعد وفاته، بالنسبة إلى من شملهم الأمر، إذ قد صدر الأمر وأردف بلعن المتخلفين على نحو من الاطلاق والقطع، دون استثناء لأحد منهم بما فيهم أبو بكر وعمر.
والمدقق في أمر هذه السرية يلحظ أشياء تلفت انتباهه، وتحرك فيه باعث التحقيق.
إننا نلحظ في أمر هذا البعث:
1 - الاهتمام البليغ الذي أبداه النبي صلى الله عليه وآله بهذا البعث، حتى أنه صلى الله عليه وآله لعن المتخلفين عنه في إصرار لم يعهد من النبي صلى الله عليه وآله سابقا.
2 - الوقت الذي أمر فيه بإنفاذ البعث، فالنبي صلى الله عليه وآله كان قد نعيت إليه نفسه وأخبر بدنو أجله، فما هي أهمية هذا البعث حتى يتشدد النبي صلى الله عليه وآله في إنفاذه في هذا الوقت بالذات، وهو نفس اليوم الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وآله؟!
3 - تعبئة وجوه وأعيان الصحابة من المهاجرين والأنصار في هذه السرية، دون استثناء لأحد بما فيهم الصديق والفاروق، تحت إمرة الشاب اليافع ابن العشرين عاما أسامة بن زيد.
4 - عدم فتح باب الشورى لأصحابه في هذه السرية، وقد كان يستشيرهم في بعض الغزوات.
ونحن قد علمنا أن النبي صلى الله عليه وآله التحق بالرفيق الأعلى قبل أن يخرج الجيش من معسكره بالجرف. فلنفرض ذهاب الجيش قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله، ووفاة النبي صلى الله عليه وآله بعد ذهابهم.. فكيف يكون حال عاصمة الإسلام ونسائها وأطفالها، والأعداء من المنافقين واليهود الحاقدين على دين الإسلام يتربصون بالإسلام الدوائر، وقد أخلى النبي صلى الله عليه وآله