بانفاد بعث أسامة لكونه من أمر الله، إذا أراد الله تعالى أن يكون هذا البعث على الوجه الذي أعده النبي صلى الله عليه وآله مشتملا على أبي بكر وعمر بقيادة الشاب اليافع أسامة بن زيد. وكان أمر الله في إنفاذ هذا البعث أمرا لا يقبل التأني والتأخير، سواء أكان بسبب مرضه أو بسبب أي أمر آخر. وهذا كله يتضح من إصرار النبي صلى الله عليه وآله حتى آخر لحظات حياته على إنفاذ البعث، بل وصل الأمر إلى لعن النبي صلى الله عليه وآله المتخلفين عن هذا الجيش.
وأراد أسامة أن يعتذر للنبي صلى الله عليه وآله عن الخروج، والنبي صلى الله عليه وآله في هذه الحال من المرض، ولكن لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله مجال لتأخير أمر الله تعالى ولقبول اعتذار أسامة.
فقد روي أن أسامة دخل النبي صلى الله عليه وآله وقال له: " بأبي أنت وأمي، أتأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى؟ "..
ولكن، لم يكن الأمر كما يتصوره أسامة، فأمر الله في هذه السرية لا يؤخره المرض.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: " اخرج وسر على بركة الله ".
وقال أسامة ظانا أن شدة مرض النبي صلى الله عليه وآله تعينه على إقناع النبي صلى الله عليه وآله بتأخير السرية ولو أياما: " يا رسول الله، إن أنا خرجت وأنت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة ".
فقال النبي صلى الله عليه وآله: " سر على النصر والعافية ".
إذا، فلا مجال لتأخير أمر الوحي.. لكن أسامة ما يزال يعلق الآمال، ساعيا إلى إقناع النبي صلى الله عليه وآله بالتأخر حتى يشفيه الله، فقال مشفقا: " يا رسول الله، إني أكره أن أسائل عنك الركبان ".
أما النبي صلى الله عليه وآله فكان يعلم أن هذه السرية فوق التأخير، فكيف الالغاء؟! عندها تغيرت لهجة النبي صلى الله عليه وآله، فقال مظهرا لزوم الأمر النبوي: " انفذ لما أمرتك به ". ثم أغمي على النبي صلى الله عليه وآله، بأبي هو وأمي.
وعندما علم أسامة أن أمر السرية هذه لا مراجعة فيه، قام يعد نفسه للخروج، فخضع للأمر الإلهي وبدا في إعداد الجيش. وفي هذه الأثناء أفاق رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكن لا شئ أمامه غير أمر هذه السرية وبعث أسامة، فقال آمرا: " أنفذوا بعث