استحقها أبو بكر بذلك دون الإمام عليه السلام؟!
غير أن عمر ذهب أبعد من هذا، فصرح بأن الخلافة إرث لا يحق لأحد أن ينازعهم فيه - كما مر عليك -.
إذا، فأمر لا يستحق بإمامة الناس في الصلاة، كما يقال، ولا هذ ه الصلاة من الأدلة على ذلك، لأن الميراث لا يؤخذ بإمامة الناس في الصلاة، ولا يثبت بها، وهي ليست من شروطه كما هو معروف.
على أن أبا بكر الصديق قد وضع حدا لترهات القول باستحقاقه الخلافة بسبب إمامته في الصلاة بأمر النبي صلى الله عليه وآله، فأبو بكر يقول: " إن بيعتي فلتة، وقى الله شرها " (1).
إذا، فما هو الأمر الذي يكون فلتة؟! أليس هو الأمر الذي يتم من غير روية ولا تدبر؟! أليس هو الأمر المبتدع المجازف فيه؟!
فإذا كانت خلافة الصديق فلتة وقي الله شرها، فلا يمكن أن تكون صلاته بالناس دليلا وإشارة إلى خلافته، لأن هذا الدليل وتلك الإشارة إلى خلافته تنفي أن تكون خلافته فلتة كما قال، لأن الدليل والإشارة على شئ يهيئ النفوس ويعدها للتعرف على ذلك الشئ واستقباله، فتنتبه العقول إليه لتهيئ المقدمات، فلا تكون فلتة فيخشى منها الفتنة والشر، فكيف يدعى أن صلاة الصديق بالناس تدل على استحقاقه الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله!!
وهذا دليل جسمه فيما بعد المناوي. النووي وغيرهما أو من سبقهما، إذا أنهم وجدوا أنفسهم قد ورثوا الاعتقاد بخلافة الصديق، وصاروا يطوون في هذا الاعتقاد طريقا ذا اتجاه واحد، فاستنبطوا هذا الدليل من حكاية لم يكن لها واقع تطابقه، لإظهار صحة ما حدث أمام المخالفين، إذا لهم يكن هذا الاعتقاد موجودا في نفوس الصحابة والخليفة الأول.
فهذا هو الخليفة الثاني يدعي أن النبي صلى الله عليه وآله لم يستخلف أحدا، وبهذا ينفي القياس