وكيف سهل على النووي أدراك هذا الأمر وإثبات خلافة الصديق به على رغم غيابه عن مسرح الحوادث في ذلك الوقت، ولم يسهل على هؤلاء الصحابة الذين خالفوا أبا بكر ولم يبايعوه، وهم شهود الحوادث في زمانهم؟؟!
فانظر أبي سعيد الخدري، قال: " سمعت البراء بن عازب يقول: فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة وهم معتجرون بالأزر الصنانية، لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده، فمسحوها على يدي أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبي.
فأنكرت عقلي، وخرجت اشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا وقلت: قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة! فقال العباس: تربت أيديكم إلى آخر الدهر " (1).
فدلالة صلاة أبي بكر التي حكمتها عائشة أم المؤمنين على الخلافة الكبرى أمر لم يطف بأذهان الصحابة، ولم يفهموه من صلاة أبي بكر. والبيعة التي تمت من البعض بعد الخلاف الحاد وسل السيوف لم يكن سببها قياس الخلافة الكبرى على إمامة الصلاة أو الخلافة والخصام - بالبيعة للصديق، غير أن بعض الصحابة خالفوه إلى آخر أيامهم.
وهل كان لم يبايع أبا بكر قط، ولم يكن يرى له إمامة صغرى فضلا عن أن يفهم منها الإمامة الكبرى، إذ لم يكن يجتمع مع الشيخين في عيد أو جمعة، وكان لا يفيض بإفاضتها (2).
يقول ابن الأثير: " ثم تحول سعد بن عبادة إلى داره فيق أياما، وأرسل إليه ليبايع فإن الناس قد بايعوا..