أنها نزلت عتابا " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لإعراضه عن عبد الله بن مكتوم - وكان مؤمنا " ضريرا " جاء يستقري النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما علمه الله - وظهور الكراهية في وجهه لقطعه كلامه مع من كان منشغلا " بالكلام معهم، وهم سادة كفر قريش كعتبة بن ربيعة وأبي جهل وأمية بن خلف يدعوهم إلى الإيمان بالله ويرجو إسلامهم. وكان سبب ظهور الكراهية في وجهه صلى الله عليه وآله وسلم حسب هذا الزعم قوله صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه:
يقول هؤلاء الصناديد أنما أتباعه من العميان والعبيد، فعبس صلى الله عليه وآله وسلم في وجهه وأقبل على القوم الذين يكلمهم. فنزلت الآيات تعاتبه في ذلك. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكرم ذلك الأعمى إذا رآه ويقول له: مرحبا " بمن عاتبني فيه ربي) (1).
وحقيقة هذه الآيات إنها نزلت استنكارا " لرجل من بني أمية كان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجاءه ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر في نفسه، وعبس وأعرض بوجهه عنه. فأين أخلاق نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم من هذا التصرف؟
ومن علماء أهل السنة القلائل الذين نفوا نزول هذه الآيات في النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو فخر الدين الرازي بقوله: (لا نسلم أن هذا الخطاب متوجه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لأن يقال أن أهل التفسير قالوا: الخطاب مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإنا نقول: هذه رواية آحاد لا تقبل في هذه المسألة) (2).
ويقول السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره (الميزان في تفسير القرآن):
(وليست الآيات ظاهرة الدلالة على أن المراد بها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه، بل فيها ما يدل على أن المعني بها غيره لأن العبوس ليس من صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الأعداء المباينين فضلا " عن المؤمنين المسترشدين. ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة) (3).