المعنى الثالث: الطريق الواضح، كما في قوله تعالى بشأن قومي لوط وشعيب: (وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين * فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين) [الحجر / 78 - 79].
المعنى الرابع: قادة الهداية، كما في قوله تعالى بشأن إسحاق ويعقوب عليه السلام (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات) [الأنبياء / 73].
المعنى الخامس: قادة الضلال، كما في قوله تعالى بشأن فرعون ومن معه: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) [القصص / 41]، وقوله تعالى: (فقاتلوا أئمة الكفر) [التوبة / 12]، وفي قوله تعالى: يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا * ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ") [الإسراء / 71 - 72]، دلالة على أن لكل قوم إماما " يدعون به يوم القيامة، وهو إما أن يكون إمام هداية، أو إمام ضلال. ولا يمكن أن يكون معنى (بإمامهم) في هذه الآية هو (كتبهم) كما يفسر بعض، المفسرين، لأن أول كتاب سماوي نزل متضمنا " لشريعة إلهية هو كتاب نوح، وهذا سيعني خروج جميع الأقوام التي كانت قبل مجئ النبي نوح عليه السلام من مقصود هذه الآية، وهذا غير ممكن لأن جميع الأقوام ستدعى للحساب يوم القيامة.
وعلى ذلك، فإنه وعلى ضوء هذه الاستخدامات المتعددة لكلمة (إمام) في القرآن الكريم، يمكن استخلاص وتوجيه المفهوم الإلهي للإمامة وصفا " للقادة الربانيين الذين اصطفاهم الله سبحانه وتعالى ليكونوا هداة الناس إلى شريعته على ضوء الكتب والرسالات التي أنزلها على أنبيائه ورسله، فالكتاب في واقع الحال لا يمكن أن يكون مرشدا " للناس من بدون إنسان متخصص بحمله، عارفا " بأمره.