(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها...) [البقرة / 30].
والاستخلاف في الآية الأخيرة، وكما هو في الآيات التي قبلها ليس لشخص آدم عليه السلام، وإنما للنوع الإنساني (بني آدم)، لأن آدم عليه السلام لم يكن مفسدا " في الأرض، ولا سفاكا " للدماء، وكان ذكره في الآية الأخيرة بوصفه الإنسان الأول على هذه الأرض، والذي جعل على عاتقه مسؤولية خلافة الله في الأرض.
الدرجة الثانية: استخلاف قوم أو جماعة بشرية معينة من بين الأقوام أو الجماعات البشرية الأخرى، ولأن الاستخلاف أمانة إلهية، فإن القوم المستخلفين في حالة مخالفتهم لمقتضيات حمل هذه الأمانة، سيتلقون العقاب الإلهي، وتتحول الخلافة عنهم إلى قوم آخرين كما في قوله تعالى:
(إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء) [الأنعام / 133].
(ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) [يونس / 14].
(وإن تتولوا يستبدل قوما " غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) [محمد / 38].
ومن أمثلة هذا الاستبدال قوله تعالى بشأن قوم نوح:
(فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا) [يونس / 73]، وقوله تعالى بشأن قوم عاد: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) [الأعراف / 69]، وبشأن قوم ثمود: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) [الأعراف / 69]، وبشأن بني إسرائيل: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين) [البقرة / 122]، وبشأن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا " لتكونوا شهداء على الناس) [البقرة / 144]، وبشأن الباقين الثابتين على الدين الحق: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) [النور / 55].