الدرجة الثالثة: استخلاف قائد رباني لتميزه عن بقية أبناء قومه تكون خلافة الله متوجة فيه، ومصونة به من خطر الإفساد في الأرض، وسفك الدماء كما في قوله تعالى: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) [ص / 26].
(ليكون الرسول شهيدا " عليكم) [الحج / 78].
ولأن القوم المستخلفين هم ليسوا المالك الحقيقي لما استأمنوا عليه، وأنما هم خلفاء المالك الأصلي، وهو الله (جل وعلا)، فهم ليسوا مطلقي الحرية والتصرف كما شاؤوا بالإمكانات والسلطات الممنوحة إليهم، ودون قائد رباني، فإنهم سينحرفون تماما " عن الخط الإلهي المرسوم، لما تزخر به النفس الإنسانية من نزوات، وأطماع، وحب التسلط.
وهذه الدرجات الثلاث تمثل بمجموعها مفهوم الإسلام الأساس عن الخلافة، وهو يتلخص بإنابة النوع الإنساني في إعمار الأرض وإصلاحها ولكن بتميز أمة أو قوم يختارون (مع إمكانية استبدالهم) للدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على رأسهم قائد رباني يحكم الناس بالشريعة الإلهية.
وقد اشتهر إطلاق تسمية (الخلافة) عند المسلمين وصفا " للحكومات التي خلفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم صالحها وفاسدها.
2 - الإمامة:
الإمامة لغة هي الانقياد خلف إنسان، والاقتداء بقوله وفعله، وقد وردت كلمة (إمام) في القرآن الكريم لتعبر عن عدة معان، منها:
المعنى الأول: اللوح المحفوظ، كما في قوله تعالى: (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) [يس / 12].
المعنى الثاني: الكتاب السماوي، كما في قوله تعالى: (ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) [هود / 17].