طلحة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)، وأنت أول من بايعني، ثم نكثت، وقد قال الله عز وجل: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) [الفتح / 10]، فقال طلحة: أستغفر الله ثم رجع.
وعندما رأى مروان بن الحكم ذلك وهو حليفه، قال: رجع الزبير ويرجع طلحة، ما أبالي رميت ههنا أم ههنا، فرماه في أكحله بسهم فقتله، وقال طلحة وهو يجود بنفسه:
ندمت ما ندمت وضل حلمي * ولهفي ثم لهف أبي وأمي ندمت ندامة الكسعي لما * طلبت رضى بني جرم بزعمي وقد التحم الجيشان بعد فشل مساعي الإمام في موقعة ساخنة، كان النصر فيها حليف علي، وقتل فيها ثلاثة عشر ألفا " من الطرفين، وأسرت عائشة، فجهز لها الإمام موكبا " يؤمن رجوعها سالمة إلى المدينة. وأسر كذلك مروان بن الحكم وبعض رؤوس بني أمية، وعفا عنهم الإمام بعد أن طلبوا الصفح منه وبايعوه. وقد تمكن عبد الله بن الزبير من الهرب عندما لاحت تباشير النصر لجيش الإمام، وأما محمد بن طلحة فقد قتل أثناء المعركة، وكانا من أشد المحرضين على قتال الإمام حتى اللحظات الأخيرة.
وقد عرفت هذه الحادثة بموقعة الجمل، لاتخاذ عائشة جملا " قويا " جعلت عليه هودجها الفاخر، والذي أصبح بمثابة العلم الذي يتقدم الجيوش المحتشدة حوله، وكان صمود هذا الجمل والهودج الذي عليه رمزا " لصمود الجيش بكامله طوال المعركة. وقد كان انتهاء المعركة عندما ضرب الجمل، وأسر الهودج.
وبعد انقضاء هذه المعركة، وما ولدته من مقتضيات وظروف جديدة، فقد قرر الإمام نقل عاصمة الخلافة الإسلامية من المدينة إلى الكوفة. ومن الأسباب التي شجعته لذلك أيضا " هو موقع الكوفة الجغرافي المتوسط بين البقاع الإسلامية، وقربها من الشام والبصرة، وهما عاصمتا التمرد، بالإضافة