أعطاك معاوية الحق، ودعاك إلى كتاب الله، فاقبل منه) (1). وبهذا انشق جيش الإمام إلى شقين، وفشلت كل محاولات الإمام بإقناعهم بزيف لعبة المصاحف، مما اضطره إلى قبول التحكيم. وقام الأشعث بن قيس وهو الذي ترأس حركة المؤيدين للتحكيم في جيش الإمام بترشيح أبي موسى الأشعري ليكون ممثلا " عن معسكر الإمام في مفاوضات التحكيم، ولكن الإمام عارض ذلك قائلا ": (إن موسى ضعيف عن عمرو [وهو ممثل معسكر الأمويين] ومكائده... وإنه ليس بثقة، وقد فارقني وخذل الناس عني يوم الجمل] (2).
وكان الإمام أيضا " قد عزله قبل ذلك عن ولاية الكوفة بعد تسلمه مهام الخلافة. ومع إصرار الأشعث وجماعته عليه، ورفضهم رأي الإمام بإسناد مهمة تمثيل معسكر الإمام في التفاوض إلى عبد الله بن عباس أو مالك الأشتر، لم يجد الإمام مناصا " من القبول واحتساب الأمر إلى الله قائلا ": فاصنعوا ما أردتم. ثم وقع الفريقان وثيقة التحكيم الأولية تعهدا بها التوقف عن القتال لغاية ظهور نتيجة التحكيم.
وقد اجتمع الحكمان بعد هذه الموقعة بثمانية شهور في دومة الجندل ومع كل منهما أربعمئة من صحبه. وبعد أيام من المفاوضات قبل عمرو بن العاص اقتراح أبي موسى الأشعري بخلع كل من علي ومعاوية، وتعيين عبد الله بن عمر - والذي لم يكن حاضرا " آنذاك - إماما " للأمة بدلا " منهما (!) ثم قاما ليعلنا للحضور نتيجة التحكيم، فبدأ أبو موسى الأشعري، وهو صهر عبد الله بن عمر قائلا ": (إن هذه الفتنة قد أكلت العرب، وإني رأيت وعمرو أن نخلع عليا " ومعاوية، ونجعلها لعبد الله بن عمر، فإنه لم يبسط في هذه الحرب يدا " ولا لسانا ").
ثم قام ابن العاص خاطبا ": (أيها الناس، هذا أبو موسى شيخ المسلمين، وحكم أهل العراق، ومن لا يبيع الدين بالدنيا، قد خلع عليا " وأنا