ولنعد إلى داود لنقتبس مزيدا من التعريف به وبعهده، يقول Wells) (1) إن داود كان أكثر توفيقا من شاول، وبتولية أشرقت فترة الرخاء الوحيدة التي قدر للشعوب العبرانية أن تعرفها على مدى الدهر كله، وهي تقوم على محالفة وثيقة الأواصر مع مدينة صور الفينيقية التي يلوح أن ملكها حيرام كان رجلا أوتى نصيبا كبيرا من الذكاء والقدرة على المغامرة، وكان يبغي أن يكفل للتجارة إلى البحر الأحمر طريقا آمنا عبر منطقة التلال العبرانية، وكان الأصل في التجارة الفينيقية أن تذهب إلى البحر الأحمر عن طريق مصر ولكن بعض العقبات حالت دون مرور التجارة الفينيقية في تلك الطريق، ومهما يكن من شئ فإن حيرام أنشأ بينه وبين داود وابنه وخلفه سليمان أوثق العلاقات، وعند ذلك نشأت برعاية حيرام أسوار أورشليم ومقرها ومعبدها، وفى مقابل ذلك بني حيرام سفنه على البحر الأحمر وسيرها فيه.
وكان عهد داود - بناء على ما جاء في العهد ا لقديم - غارقا في دماء الضحايا، شديد القسوة، فيروى أن داود جمع كل الشعب وذهب إلى رية (عاصمة عمون وهي عمان اليوم) وحاربها وأخذها، وأخذ تاج ملك عمون عن رأسه ووزنه وزنة (قنطار) من الذهب مع حجر كريم، ووضعه داود على رأسه، وأخرج غنيمة المدينة كثيرة جدا، وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفثوس حديد، وأمرهم في أتون آجر، وهكذا صنع بجميع مدن عمون، ثم رجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم (2).
ويقول Wells معلقا على ما ورد بالكتاب المقدس عن قسوة داود ما يلي: وقصة داود مما تحوي من قتل وسفك دماء واغتيالات متلاحقة يأخذ بعضها برقاب