أعين الناس وأذهانهم وقلوبهم، فأثار ذلك حقد شاءول عليه، حتى عزم عليه قتله لئلا يزاحمه على الملك، ومن ثم أخذ يطارده مطارة شديدة وينصب له شباك القتل أمدا طويلا، ولجأ داود إلى الفلسطينيين مرتين هاربا من شاءول (1)، وانتهز الفلسطينيون فرصة هذا الخلاف فهاجموا بني إسرائيل وأوقعوا بهم الهزائم العظيمة، وسقط شاءول في إحدى هذه المارك بوادي بزرعيل، وأخذت دروعه إلى معبد فينوس الفلسطيني، ودق جسمه بالمسامير على أسوار بيت شان (2).
وبعد موت شاءول قام صراع بين داود وإشبوشث بن شاءول يؤيده أبنير قائد جيوش أبيه، ولكن داود تغلب عليهما، وذبحهما، فاستقر له الملك بذلك، فأصبح الملك الثاني لبني إسرائيل وبقي الملك وراثيا في عقبة، ومن أبرز أعمال داود أنه استولى على أهم مدن فلسطين وهي (أور سالم) أو (أورشليم) ومعناها بالكنعانية محلة السلام أو مدينة ا لسلام، وكانت المنطقة التي تقع فيها هذه المدينة تحت سلطان اليبوسيين من القرن الخامس عشر ق م، واليبوسيون بطن من بطون كنعان، وقد سميت المدينة (يبوس) خلال مدتهم، ولما استولى عليها داود أعاد اسمها القديم (أورشليم) واتخذها عاصمة له، ونقل لها التابوت، وأعد بها مساحة منبسطة فسيحة ليشيد عليها الهيكل المقدس (3).
واستكمالا للحديث عن تسمية هذه المدينة نذكر أنه في عهد الرومان الذي بدأ سنة 63 ق م ز سميت هذه المدينة (إيلياء كابيتولينا) باسم المعبد الوثني الذي شيده أدريانوس سنة 135 م على إثر حرث المدينة وإزالة معالمها ومعالم هيكل سليمان، وفي العهد المسيحي عاش الاسمان (أورشليم وإيلياء)، فلما جاء الإسلام سميت هذه المدينة القدس أو بيت المقدس.