أو حيوان، وحرقوا المدينة كلها، ولم ينج من الموت من سكان المدينة إلا المرأة الزانية وأهلها (1). وكان ذلك أول العهد ببني إسرائيل في فلسطين، وامتد سلطان يوشع عقب ذلك ويذكر Smith (2) أن الذين عاصروا موسى من بني إسرائيل قد هلكوا جميعا في الصحراء ولم يدخل منهم فلسطين إلا اثنان كان يوشع واحدا منهما. أما باقي الجيش الذي اقتحم فلسطين فكان من الأبناء الذي ولدوا في فترة التيه. ويصف ول ديورانت (3) أحداث هذه الفترة أدق وصف، استمع إليه يقول:
كانت هزيمة العبرانيين للكنعانيين مثلا واضحا لانقضاض جموع جياع على جماعة مستقرين آمنين، وقد قتل العبرانيون من الكنعانيين أكثر من استطاعوا قتلهم منهم، وسبوا من بقي من نسائهم، وجرت دماء القتلى أنهارا وكان هذا القتل - كما تقول نصوص الكتاب المقدس - فريضة الشريعة التي أمر بها الرب موسى وزكاة للرب، ولما استولوا على إحدى المدن قتلوا من أهلها اثنى عشر ألفا وأحرقوها وصلبوا حاكمها (4)، ولسنا نعرف في تاريخ الحروب مثل هذا الاسراف في القتل والاستمتاع به، وقد كان موسى من رجال السياسة المتصفين بالصبر والأناة، أما يوشع فلم يكن إلا جنديا فظا، وقد حكم موسى حكما سليما لم تسفك فيه دماء، أما يوشع فقد أقام حكمه على قانون الطبيعة الذي يقول إن أكثر الناس قتلا هو الذي يبقى حيا، وبهذه الطريقة الواقعية التي لا أثر فيها للعواطف استولى اليهود على الأرض الموعودة.