إلى جبل الطور ويمكث ثلاثين ليلة صائما ليتلقى من الله الوصايا والتعليمات التي يسير عليها هو وشعبه، وطالت هذه الليالي فبلغت أربعين، لأن موسى استاك في آخرها فكلفه الله أن يزيدها عشرا، وهنا يتناسى بنو إسرائيل كل معجزات موسى ويعودون إلى طبيعتهم الوثنية الشريرة الآثمة، تقول التوراة:
ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن هذا موسى، الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه، فقال لهم هارون انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبنانكم وأتوني بها، فنزع كل الشعب أقراط الذهب وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من أيديهم وصورة بالأزميل وصنعه عجلا مسبوكا... فقال الرب لموسى اذهب لأنه قد فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر، زاغوا سريعا عن الطريق الذي أوصيتهم به، صنعوا لهم عجلا مسبوكا وسجدوا له وذبحوا (1).
ونزل موسى من الحبل وغضب غضبا شديدا على قومه لعودتهم للوثنية وعبادة العجل، وكان عقابهم أن تسلط بعضهم على بعض في معارك طويلة سقط فيها عدة آلاف.
وبدأ موسى يسير بقومه تجاه فلسطين، ولكن فلسطين كانت عامرة بالسكان الذين سبق أن تحدثنا عنهم، وكان قد شاع بين الناس غدر بني إسرائيل وتآمرهم ضد البلاد التي ينزلونها، فلم تعد فلسطين مفتوحة لهم كما كانت من قبل، بل وقف أهلها في وجه بني إسرائيل يردونهم عنها، وهكذا أصبحت محاولة دخولها معناها الحرب بين بني إسرائيل وبين هؤلاء السكان، وكان بنو إسرائيل يخافون الحرب، فقد تمكنت منهم الذلة والصغار، فصاحوا بموسى (إن فيها .