وقصة ذلك - في نظر المسلمين - أن أوريا كان قد خطب سابغ لتكون زوجة له، ولكنه استدعى للحرب قبل أن يتم عقد الزواج، وطالت غيبته عن خطيبته وأهلها، فرآها داود في هذه الأثناء، فأعجب بها، فخطبها من أهلها فاستجابوا له، وتم الزواج بينهما، وهي أم سليمان.
هل كان من اللائق أن يتزوج داود امرأة ارتبطت بغيره رباط ما، مع أن عنده من الزوجات والسراري عددا كبيرا؟ ذلك ما عوتب عليه داود بطريق غير مباشر حيث هبط عليه ملكان في صورة رجلين يشكو أحدهما الثاني بأنه له تسع وتسعون نعجة ومع ذلك يطمع في نعجة واحدة يمتلكها الشاكي، ويستغل الطامع نفوذه وفصاحته لينال مأربه، ويحرم أخاه من نعجته الوحيدة وحكم داود، بأن هذا ظلم لا بد أن يقاوم، وابتسم الملكان ابتسامة لها معنى، واختفيا وهناك صوت ينبعث: لماذا إذا ضممت (سابغ) إلى عشرات النساء عندك وحرمت منها أوريا؟ وأدرك داود أنه زل، فانكب يستغفر الله ويرجو عفوه، فغفر الله له، وقص القرآن هذه القصة. وبها مزيج من العتاب والتربية والاستغفار والعفو، قال تعالى:
وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع منهم.
قالوا: لا تخف. خصمان بغى بعضنا على بعض: فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط وأهدنا إلى سواء الصراط، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة، فقال: أكفلنيها. وعزني في الخطاب، قال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه. وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم. وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه، وخر راكعا وأناب، فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب (1).