الناس فيها وبغوا، ونالوا ما أحبوا أن ينالوه بأية وسيلة من الوسائل غير هيابين ولا خائفين، ولكن النفس البشرية من تلقاء نفسها تدرك أن بعد هذه الحياة حياة، وأن بعد العمل حسابا.
ويتضح من مبادئ الدين الإسلامي سماحته مع أتباع كل الديانات، إنه يجمع الناس جميعا على إله واحد، ويجعل من مبادئه الاعتراف بالرسل السابقين وبكتبهم، فهو يمد يده لأتباع الديانات السماوية ليلتفوا حوله، ويمد يده لمن لا دين له ليدخل حظيرة النور.
ومن مفاخر الدين الإسلامي أنه سوى بين الناس، ولم يجعل لجنس على جنس مزية فكان بذلك دينا يقاوم الطبقات ويقام تسلط الشعوب على الشعوب، ويقول أستاذنا الإمام محمد عبده (1) في ذلك الموضوع: رفع الإسلام كل امتياز بين الأجناس البشرية، وقرر لكل فطرة شرف النسبة إلى الله في الخلقة، وشرف اندراجها في النوع الإنساني في الجنس والفصل والخاصة، وشرف استعدادها بذلك لبلوغ أعلى درجات الكمال الذي أعده الله لنوعها، على خلاف ما زعمه المنتحلون من الاختصاص بمزايا حرم منها غيرهم، وتسجيل الخسة على أصناف زعموا أنها لن تبلغ من الشأن أن تلحق غبارهم، فأماتوا بذلك الأرواح في معظم الأمم، وصيروا أكثر الشعوب هياكل وأشباحا.