وهناك محادثة مماثلة جرت بين سقراط وبين أريستوديم الذي ينكر الألوهية، وسأقتبس موجزا لهذه المحادثة من الأستاذ محمد فريد وجدي (1):
سقراط: أيوجد رجال تعجب بمهارتهم وجمال صنائعهم؟
أريستوديم: نعم، أعجب في الشعر القصصي بهومير، وفي التصوير بزوكسيس، وفى صناعة التماثيل ببوليكتيت.
سقراط: أي الصناع أولى بالأعجاب، الذي يخلق صورا بلا عقل ولا حراك، أم الذي يبدع كائنات ذات عقل وحياة؟
أريستوديم: طبعا الذي يبدع الكائنات المتمتعة بالعقل والحياة، إذا لم تكن تلك من نتائج الاتفاق.
سقراط: وهل يمكن أن يكون من الإنفاق أن تعطي الأعضاء لمقاصد وغايات خاصة؟ عين ترى، وأذن تسمع، وأنف يشم، ولسان يتذوق، والعين تحاط بحراسة لحساسيتها وضعفها، فتقفل عند النوم أو عند الحاجة، وتحس بالرموش والحواجب، ويجعل الأذن جهاز خارجي يجمع لها الصوت، هل يمكن أن يكون كل ذلك من نتائج الاتفاق؟ والميل المودع في النفوس للتناسل، والحنان المخلوق في قلوب الأمهات بالنسبة الأولاد، مع ندرة أن ينفع ولد أباه أو أمه، والطفل الذي يلهم الرضاعة بمجرد ولادته... هل يمكن أن يكون ذلك كله من نتائج الاتفاق؟