لذلك كان من الطبيعي للإسلام وهو المنهج الرباني للحياة المثلى أن يعالج هذه الناحية بتوعيته النظرية، وبتشريعاته العملية.
وقد تمثل جانب التوعية النظرية بتقرير الجانب التكويني والجانب الوظيفي لليل والنهار وتركيزه والتأكيد عليه، وهو ما تكفلت به الفئتان من الآيات التي أشرنا إليها والعديد من نصوص السنة التي فصلت النظرية وشرحتها، كقوله صلى الله عليه وآله " لا سهر إلا في ثلاثة، تهجد بالقرآن، أو في طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها " رواه في الخصال ص 112 وأما الجانب التشريعي لمعالجة هذه الناحية من حياة الناس فأراه يتمثل أكثر ما يتمثل في توقيت الصلاة الصباحية والمسائية.. فقد فرض الله عز وجل على الناس أن يستيقظوا قبل طلوع الشمس ليؤدوا صلاتهم بين يديه سبحانه إيذانا ببدء النشور وانتهاء السبات، كما فرض عليهم أن يؤدوا صلاة أخرى في المساء إعلانا بختام فترة النشور ودخول فترة السكون.
إن صلاتي الصباح والمساء إذ تحددان بصورة طبيعية وأكيدة بدء العمل ونهايته لترسمان لنا الصورة اليومية لنشاط المجتمع الإسلامي.
مجتمع يهب مع الفجر على انسياب الأذان بصوت الاعلان الخالد (الله أكبر) للماء الطهور يفتح به نشاطه بعد استجمام ويمثل بين يدي الرب الرحيم، بادئا يومه الجديد باسمه وبعونه وبهدايته وفي طريقه.
مجتمع يتنفس أناسه مع تنفس الطبيعة الرائع وتتفتح قلوبهم بإشراقة الصلاة مع تفتح قلب الطبيعة بإشراقة التسبيح، فيمتزج ابتهال الإنسان في موكب سعيد من تغريد وثغاء وأريج وهديل يعم المدن والقرى والسهول والسفوح والقمم فرحة بيوم جديد وأمل جديد. ثم ينطلق هذا الموكب في نشاطه بعين الله وبعونه يقيم حياته ويعمر أرضه ويصرف شؤونه. حتى إذا نثرت عليه الشمس ثمالة أشعتها وعسعس الليل مؤذنا بالسكون عسعس موكب الحياة المبارك إلى مهاد أمن الله في ختام رائع يلتف فيه حنان الثغاء بزقزقة الأوكار وإياب النسيم بارتياح الزهور.
وتنزل الملائكة بصلاة الختام، حيث يعود الناس من سرحهم وكدحهم إلى بيوت