جائز في الأصل لكن إذا استوجب إضرارا بالغير فإنه يصبح محرما وذلك بمقتضى العنوان الثانوي الذي هو هنا (قاعدة نفي الضرر) التي قررتها الشريعة الإسلامية في النص المشهور عن الرسول صلى الله عليه وآله: لا ضرر ولا ضرار في الإسلام.
وقد يقتضي العنوان الثانوي إباحة الحرام أو وجوبه. مثلا، يشرع الإسلام الملكية الفردية ويحرم التعدي عليها، ولكنه يجيز لحكومته أن تأخذ من الملكيات الفردية الكبيرة أو الصغيرة القدر الذي تراه ضروريا للحاجة الاجتماعية، كما يجيز أن تجبر أهل الأموال على تشغيل رؤوس أموالهم المجمدة للمصلحة الاجتماعية، أو تأخذ منهم زيادة على الحقوق الشرعية المفروضة.
وقد يقتضي العنوان الثانوي إيجاب المباح أو تحريمه، فالتخصص الصناعي والزراعي أمر مباح أساسا ولكن إذا احتاج الوطن الإسلامي بشكل ضروري إلى إختصاصيين في الصناعة والزراعة وغيرها فإن ذلك يصبح واجبا شرعا ويحرم على أساسه التخصص في المجالات الأخرى غير الضرورية وإن كانت مباحة في أصل التشريع.
وهكذا، يضع الإسلام قواعد عامة توجب التبديل في تنويعه الأساسي للأعمال وأحكامه الأولى بشأنها، ولكنه تبديل ثابت في إطار الإسلام منسجم مع عقيدته في الحياة وأهدافه منها وخطته فيها.
ثالثا:
باستطاعة الفرد والمجتمع والدولة المسلمين أن يحولوا جميع نشاطاتهم المباحة إلى نشاطات مستحبة فتكون في ميزان الإسلام أعمالا صالحة تستحق الجزاء والمكافأة، وذلك بأن يعيشوا روح الرسالة الإسلامية ويقصدوا من حياتهم التقرب إلى الله عز وجل بتحقيق أهدافها.
رابعا:
الأسلوب السائد في تطبيق التشريعات على المجتمعات هو أسلوب القوة حيث تفرض السلطة على الناس تطبيق تشريعها وتقوم بمعاقبة المخالفين.