لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه) 13 الشورى.
ومعنى إقامة الدين جعله منهجا اجتماعيا وطريقة عيش سائدة..
وأمر سبحانه بإقامة أحكامه في الحياة الزوجية كما في قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) 229 البقرة.
ومعنى إقامة حدود الله بين الزوجين جعل الأحكام الشرعية التي تحكم هذه العلاقة هي السائدة المتبعة في الحياة الزوجية.
وأمر سبحانه بإقامة الصلاة في كل الآيات التي أمر فيها بالصلاة تقريبا ومعنى الأمر بإقامة الصلاة: تكليف الناس أن يقيموا لهذه الفريضة وجودا اجتماعيا بحيث يكون أداؤها والاهتمام بشؤونها ظاهرة واضحة من ظواهر مجتمعهم.
وكذلك ينسجم التعبير القرآني البليغ بإقامة الصلاة مع طبيعة المسؤولية الاجتماعية التي يقررها الإسلام على كل الناس فلا يرضى لهم أن يعيشوا الروح الفردية التي يعاني منها مجتمع الحضارة القائمة، المسؤولية التي يشد الإسلام من أواصرها بين جماعته المؤمنة فلا يجيز لنفسه أن يخاطبهم بعقيدته وتشريعاته كأفراد يطلب منهم تطهير أرواحهم بعيدا، وأداء صلواتهم في زوايا الأكواخ والقصور، بل يخاطبهم كأمة ذات رسالة عالمية، كوجود متحد متضامن يعمل وسط الناس لإنقاذ حياتهم وإقامتها على هدى الله.
وينسجم التعبير كذلك مع طبيعة الصلاة التي أمر الله عز وجل أن ينادى بها على مسامع الناس: أقبلوا على الصلاة، أقبلوا على الفلاح. أقبلوا على خير العمل. وجعل سبحانه هذا النداء مقدمة لصلاة كل مصل حتى ولو كان بمفرده في بيته.
وينسجم التعبير الحكيم مع تكلم المصلي بضمير الجماعة بدل ضمير المفرد إذ يقول: إياك نعبد، وإياك نستعين اهدنا، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.