حقل تكامل الذات في الفهم الإسلامي هو الناس، والمعاناة المطلوبة للتكامل هي المعاناة مع الذات ومع الناس لتطبيق رسالة الله. بينما يرى الاتجاه الصوفي أن حقل التكامل هو نفس الذات وأن المعاناة المطلوبة للتكامل هي معاناة الذات مع الله ولو بعيدا عن الناس.
كما أن إفناء الذات يعني في المفهوم الإسلامي تغليب المكاسب الرسالية حينما تتعارض مع المكاسب الشخصية من أجل مكاسب أكبر في الحياة المقبلة، بينما يعني في الاتجاه الصوفي تغليب مكاسب الروح على مكاسب الجسد من أجل مكاسب أكبر. وبتعبير آخر: إن حب الذات المشروع إسلاميا هو أن يحب الإنسان مطالب جسده وروحه إلا عندما تتعارض مع مطالب رسالته وأمته. وحب الذات المشروع صوفيا هو حب مطالب الروح المعينة المتعارضة أبدا مع مطالب الجسد!
والنتيجة الطبيعية لهذا الفارق أن المسلم المستقيم يمارس الصلاة بقصد التربي على حب الذات بمفهومه، والصوفي يمارسها للتربي على مفهومه. وهو بذلك يجاهد ويتعسف لتجريد الصلاة من العلاقة بحركة الحياة ومن الجهاد بالرسالة الإلهية في مجتمع الناس.
إنك إذا سمعت من صوفي أو قرأت له تفسير الصلاة فسيأخذك العجب والدهشة كيف يعتقد هذا الإنسان أن هذه الفقرات العربية المبينة يمكن أن تحمل هذه المعاني المتكلفة؟ وكيف يتصور أن هدف الصلاة الإسلامية هو تعميق الصراع في الوجود الإنساني الموحد والدعوة إلى إهمال ما أخرج الله للإنسان من الرزق والهروب إلى عوالم روحية حالمة.؟
وماذا أكبر جناية على الصلاة من اتجاه يعمل لتحويلها من واقعها الفعال في حركة الحياة، الزاخر بطاقة النشاط والاستقامة، إلى رياضة روحية (!) تسرح فيها النفس في عوالم مفترضة كما يسرح فقراء الهنود في رياضاتهم الروحية!
ثم لو تأملت الذاتية التي يربيها الصوفي بصلاته لوجدتها أقرب إلى الذاتية المادية منها إلى الذاتية الإسلامية. إن الصلاة في مفهوم الصوفي ليست إعدادا