أنفسهم عناء التفكير ولا السؤال عن محتوى هذا العمل وعن ضرورته فتراهم يجنون على صلاتهم بجهلهم.
قال أحد الأصدقاء: رأيت في أحد مشاهد الأئمة عليهم الإسلام شيخا طاعنا في السن يؤدي صلاته يركض بها ركضا نقرأ كنقر الغراب حتى إذا طواها جلس مطمئنا يتلو وجوه المصلين والزائرين..! قلت له: أيها الحاج أنت شيخ جليل وأنا أتوسم فيك التقى والصلاح، فلماذا تعجل بصلاتك؟
قال: دعني يا سيدي فقد مللت الصلاة وملتني. عمري الآن مئة وعشر سنوات وقد بدأت فيها مذ كنت في الحادية عشرة من عمري لقد رافقتني مئة سنة ولم تتركني يوما واحدا، أفليس من حقي أن أسأم منها وتسأم مني.!
من الطبيعي لهذا المصلي أن يسأم من صلاته لأن هذه الفريضة في وعيه عمل شكلي مكرور لو رافقه إنسان عشر سنوات لسئم منه فكيف بمئة عام.
ولكن هذا المصلي لو وعى صلاته عملا تربويا متفاعلا مع حركة أيامه مؤثرا فيها ومؤثرة فيه لرأى صلاته جديدة أبدا لها في كل يوم طعم وعطاء وفي كل أمر صلة وتأثير.
وكثيرون مثل هذا المصلي أو أقل منه سوءا ممن يحبون الصلاة ويؤدونها ولكنهم لا يحاولون وعيها حتى بمجرد السؤال والتفكير ويرضون لأنفسهم أن يؤدوا عملا وهم لا يعرفون أثره في حياتهم ولا معنى فقراته وكلماته.
وجهد التوعية في هؤلاء المصلين أيسر وأسرع إثمارا منه في غيرهم، بل كثيرا ما تستتبع إفاقة أحدهم على صلاته إفاقته على الإسلام عقيدة ونظاما للحياة.
ولا يصح هنا أن نبخس نوعا من الناس الفطريين الذين تحسبهم يجهلون الصلاة لأنهم لا يستطيعون تفسيرها لك ولا التعبير عن ضرورتها، بينما هم من وعاة الصلاة ومؤديها حقا.