إن قيمة المناجاة والصلاة عند الصوفي إنما هي بمقدار ما تعطي لذاته من المشاعر والأجواء التي يركز عليها، أما عند المسلم فهي بمقدار ما تهيؤه للعطاء من ذاته في سبيل رسالته وأمته. ولذلك تجد الصوفي يهرب من مسؤوليات الحياة إلى أحلام الصلاة بينما تجد المسلم يفزع إلى الصلاة للاستعانة بشحنتها على مهام الحياة (كان رسول الله إذا أهمه أمر فزع إلى الصلاة) تجد المسلم يتربى بصلاته لكي يعطي من ذاته لرسالته وأمته، وتجد الصوفي يأخذ الصلاة لذاته ثم لا يعطي منها لرسالته وأمته شيئا!.
فما فرق هذه الذاتية يا ترى عن جوهر الذاتية المادية؟
والنوع الثالث من جناية الذاتية نوع يختلف عن جناية المرائين والمتصوفة، لأن أصحابه لا يعيشون حب الذاب بالمفهوم المادي أو الصوفي أو الإسلامي، ينقسمون إلى قسمين:
القسم الأول، الذين يعيشون حب ذواتهم بالمفهوم المادي ولكنهم يتصورون أن هذا هو المفهوم الإسلامي لحب الذات.
وقد تعجب كيف يستطيع إنسان أن يعيش في سلوكه الذاتية المادية المرفوضة إسلامية وهو يعتقد أنه يعيش الذاتية الإسلامية المشروعة.؟
نعم، فئن كان ذلك غير ممكن في الأعمال الحاسمة التي تتطلب الايثار والتضحية وتقديم المكاسب الإسلامية بسبب أن الذاتية الإسلامية في هذه المواقف تتميز عن الذاتية الشخصية. فإن الأمر ممكن في كثير من الأعمال الاعتقادية والسلوكية التي قد تلبس فيها الذاتية المادية ثوب الذاتية الإسلامية.
بم تفسر هذه الحالة:
شخص عليه ديون مستحقة، وعنده أسرة واجبة النفقة، ولديه مبلغ من المال. سافر به إلى الحج (الواجب أو المستحب) وأهمل وفاء دينه ونفقة عياله!
هذا الإنسان لم يكن من فئة المتصوفة الذين يطمعون بالوصل مع الله، ولم يكن من فئة المرائين الذين يحجون لأجل الناس، وإنما كان يقصد القربة إلى