يعيش المفهوم الإسلامي بدرجة ناقصة فإن الأمر لا يقف عند عدم انتفاعه بالصلاة بل قد يتعدى إلى الجناية عليها وذلك بمحاولة إخضاعها لمفهومه وطبعها بذاتيته، وبالتالي تحويلها من عمل يتربى فيه على سعة الأفق وإفناء الذات الفعلية إلى عمل يرسخ الذاتية الضيقة وينميها.
لقد رأيت فيما تقدم من البحوث المعطيات الكبيرة التي تقدمها الصلاة في خدمة المفهوم الإسلامي والمقياس الإسلامي لحب الذات، وسترى كيف تتبدل هذه المعطيات إلى معطيات مضادة بفعل (الذاتية) عندما تمتد إلى الصلاة.
وتنقسم جناية الذاتية على الصلاة إلى أنواع ثلاثة:
النوع الأول: جناية النفاق والرياء، والمنافق المرائي شخص يعيش حب الذات بالمفهوم المادي ولكنه يظهر للناس أنه يعيش المفهوم الإسلامي ولا فرق في أمره بين أن يؤمن نظريا بالمفهوم الإسلامي أو لا يؤمن وتتمثل جنايته على الصلاة في تحويلها من عمل تربوي رفيع إلى عمل يتمرس فيه كل يوم على النفاق وخداع النفس وخداع الناس. وكثيرا ما تبدو للناس سريرته فيكون مثلا سيئا للمصلين وسببا لدى بعض النفوس للابتعاد عن الصلاة.
والنوع الثاني: جناية التصوف، ولا أقصد بالتصوف أتباع الطرق الصوفية المعينة فقط بل أقصد كل فهم معنوي خاطئ للحياة وكل إحساس معنوي خاطئ بها. فقد عرفت أن حب الذات بالمفهوم الإسلامي يرتكز على الفهم المعنوي للحياة والاحساس الخلقي بها، وهذا الفهم وهذا الاحساس لهما أصولها ومقوماتهما وأحكامهما في الإسلام. والتصوف هو طريقة في فهم الحياة لا تتفق مع أصول وأحكام الفهم الإسلامي، لذلك يعتبر انحرافا عن الإسلام كالفهم المادي، وإن كان بحد ذاته فهما معنويا وإحساسا خلقيا معينا.
وإذا حدث الانحراف عن مفهوم الإسلام للحياة كان من الطبيعي أن يحدث الانحراف في حب الذات في مقياس النفع والضرر. وأن يمتد ذلك إلى الصلاة.
إن الفرق الأساسي بين الفهم الإسلامي والفهم الصوفي لحياة الإنسان أن