عليه وقد تمت صلاته " الوسائل ج 4 ص 766 ومن طريف ما نلاحظ أن السنة تعبر عن الاخفات المطلوب في صلاة الظهر والعصر بالاخفاء وتعبر عن الاخفات المنهي عنه في الآية ما دون سمعك بالمخافتة مراعية الاشتقاق من فعل خافت الذي استعملته الآية الكريمة.
ولم أجد كلمة (الاخفات) في نصوص السنة إلا في رواية مرسلة عن الإمام الباقر عليه السلام الوسائل ج 4 ص 774 - وأرجح أنها مصحفة عن الاخفاء. غير أن الفقهاء لم يتنبهوا لهذه الدقة في نصوص السنة الشريفة ودرجوا على التعبير بوجوب الاخفات في الظهرين والجهر في العشاءين والفجر تأثرا بالتضايف القائم بين الجهر والاخفات.
نخلص مما تقدم إلى أن الإسلام يوجب إبراز الصوت في صلوات العتمة وإخفاءه في صلاتي النهار. وبهذا التعليل الذي تقدمه السنة الشريفة نضع أيدينا على الحكمة الأولى من الجهر والاخفات:
فالليل وإن كان ظاهرة طبيعية متكررة على الناس إلا أن له تهويمه على النفس في عسعسته وهواجسه ووحشته كما أن الليل وسقه وغواسقه. والوسق أحمال ما يجئ بها الليل، والغواسق أرواح ما أو مؤثرات ما على نفس الإنسان، يأمرنا عز وجل بالالتجاء إلى كنفه منها (قل أعوذ برب الفلق من شرما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب) إزاء هذه المؤثرات المنظورة وغير المنظورة تحتاج أنفسنا إلى تطمين، كما تحتاج إلى حماية. والذي يهمنا هذا التطمين هو الصلاة، وللجهر بتلاوتها أثر في عطاء الطمأنينة ندركه بطبيعتنا.
أما أثر الصلاة في الحماية من غواسق الليل، ودور الجهر في توفير هذه الحماية فهو احتمال نرجحه ولا نعرف تفصيله. فإن الإسلام يكشف لنا عن أن النفس هذه الطاقة المعينة داخل أحدنا تقع في معرض التأثير لأنفس غير